منذ الحرب العالمية الثانية والعالم يشهد موجة من الترتيبات الإقليمية في مختلف بقاع العالم، كان الوطن العربي من السبّاقين إليها. وإذا كانت أوروبا الغربية سبّاقة إلى بلورة ترتيباتها الخاصة فكرياً وعملياً وإلى تطوير الأسس النظرية وتطويع الممارسات العملية لتتماشى مع مقتضيات التجربة ومع التطورات في البيئة العالمية، فإن العرب ـ مثلهم م...
قراءة الكل
منذ الحرب العالمية الثانية والعالم يشهد موجة من الترتيبات الإقليمية في مختلف بقاع العالم، كان الوطن العربي من السبّاقين إليها. وإذا كانت أوروبا الغربية سبّاقة إلى بلورة ترتيباتها الخاصة فكرياً وعملياً وإلى تطوير الأسس النظرية وتطويع الممارسات العملية لتتماشى مع مقتضيات التجربة ومع التطورات في البيئة العالمية، فإن العرب ـ مثلهم مثل العديد من تجمعات العالم الثالث الأخرى التي عانت التعثّـر ـ أجروا في مناسبات عدة مقارنة بين تلك التجربة وتجاربهم الذاتية، لعلها تهديهم الطريق إلى النجاح. وهنا تبرز ضرورة دراسة أسباب عجز تجمعات العالم الثالث عن الوصول إلى مشارف الغايات التي تصوروا أن تحقيقها لا يحتاج إلا إلى سنوات قلائل، فإذا بها تستعصي على مدى ستة عقود. على أن الأمر له جانب آخر تزايدت أهميته مع تنامي قوى العولمة التي جعلت العالم قرية كبيرة. فالسؤال هو: هل يظل لأجزاء العالم خصائص مميزة تُبقي مغزىً لتكتل إقليمي، بينما تعمل تلك القوى على تغليب قوى الاندماج في العالم؟ أم هل يعطي التكامل الإقليمي نوعاً من المناعة من الانسياق في تيار العولمة الذي يتخطى حدود الإقليم؟.. يهدف هذا الكتاب إلى بناء مشروعٍ لتطوير التكامل في الوطن العربي مستمدٍّ من خلاصة التجارب الإقليمية المختلفة، ومن خصائص التجربة العربية.. وما آلت إليه.