يشكل هذا الكتاب قراءة في الأبعاد الاستراتيجية لتنظيمات القاعدة وحلفاؤها في إقليم أزواد "الشمال المالي" وذلك عبر رصد جانب من أنشطتها وطرق تفكيرها وتخطيطها، وتشابك علاقاتها ووحدة أهدافها رغم اختلاف تنظيماتها، فضلاً عن حضور أبعاد أخرى قبلية وعرقية وإقليمية في تكوين هذه التنظيمات.أعد الدراسة محمد محمود أبو المعالي/باحث متخصص في قضاي...
قراءة الكل
يشكل هذا الكتاب قراءة في الأبعاد الاستراتيجية لتنظيمات القاعدة وحلفاؤها في إقليم أزواد "الشمال المالي" وذلك عبر رصد جانب من أنشطتها وطرق تفكيرها وتخطيطها، وتشابك علاقاتها ووحدة أهدافها رغم اختلاف تنظيماتها، فضلاً عن حضور أبعاد أخرى قبلية وعرقية وإقليمية في تكوين هذه التنظيمات.أعد الدراسة محمد محمود أبو المعالي/باحث متخصص في قضايا الجماعات الإسلامية وأمين عام نقابة الصحفيين المورتانيين؛ بالاعتماد على معلومات جمعها خلال سبعة أعوام من البحث والدراسة، تخللتها رحلة بحث وتحقيق قام بها شخصياً إلى صحراء أزواد بشمال مالي في النصف الثاني من شهر إبريل/ نيسان والنصف الأول من مايو/ أيار عام 2012، حيث تمكن من جمع الكثير من المعلومات عبر مقابلات ولقاءات وجلسات مع قادة وعناصر الجماعات المسلحة وسكان المنطقة. يبدأ الكتاب بلمحة تعريفية لمنطقة أزواد بشمال مالي، حيث تنشط الجماعات الإسلامية المسلحة التي يتناولها هذه الدراسة، وتتضمن تلك الورقة التعريفية لمحة تاريخية واجتماعية عن المنطقة، فضلاً عن نُبذة جغرافية مختصرة.وفي هذا الإطار يشرح المؤلف بشيء من التفصيل تاريخ وصول الجماعات الإسلامية المسلحة إلى صحراء أزواد في شمال مالي، وتناميها وتوسعها في تلك الصحراء، منذ دخول أول مجموعة من المقاتلين الجزائريين عام 2000 إلى شمال مالي أثناء مطاردة القوات الجزائرية لها، وما تلا ذلك من انتشار وتوغل لتلك الجماعات حتى سيطرت بمختلف فروعها على مدن وبلدات إقليم أزواد سنة 2012.يسرد الكتاب معلومات مفصلة ودقيقة عن بعض المعارك التي خاضتها الجماعات الإسلامية المسلحة منفردة أو بالتنسيق بينها على مدن أزواد، وأسماء بعض الزعامات التي قُتلت في تلك المعارك أو شاركت فيها؛ والهدف من وراء ذلك - كما يشير المؤلف - توضيح حقيقة التعاون الوثيق والتنسيق بين تلك الجماعات، والتدليل على وحدة الهدف المشترك بينها. وضمن هذا السياق يتطرق الكتاب لجانب من تفاصيل معارك مشتركة خاضتها الجماعات الإسلامية المسلحة بالتنسيق مع الحركة الوطنية لتحرير أزواد العلمانية، في توضيح من المؤلف لحقيقة شبه التعاون الذي كان قائماً بين تلك الحركات الإسلامية من جهة، والحركة الوطنية لتحرير أزواد العلمانية في مواجهة الجيش المالي، رغم أنه تعاون ظل مشوباً بالحذر وعدم الثقة المتبادلة بين الطرفين؛ بسبب اختلاف التوجُّهات والأهداف، قبل توتر العلاقة بينهما إلى درجة الاقتتال.كما يكشف الكتاب عن تفاصيل بعض علاقات مختار بلمختار (الملقَّب بـ "بلعور"، وهو مؤسس إمارة الصحراء الإسلامية التابعة لتنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي) بتنظيمات سلفية جهادية في بعض دول المنطقة مثل: تنظيم "أنصار الله المرابطين في بلاد شنقيط" بموريتانيا، وجماعة "بوكو حرام" في نيجيريا، وكذلك علاقاته مع باقي الأمراء في تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي، وكيف ساءت وتطورت الخلافات بينهم إلى أن تم عزله بداية عن إمارة الصحراء، ثم أُقيل من منصب إمارة "كتيبة الملثمين"، ثم انسحابه من القاعدة وقرار تأسيس تنظيم جديد.يتألف الكتاب من خمسة فصول تناول المؤلف فيها بعد التعريف بمنطقة أزواد منذ ستينات القرن الماضي وحتى العام 2012 - زمن الدراسة - تناول فرع تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي في أزواد (إمارة الصحراء) منذ تأسيسها، والمراحل التي مرت بها، والصراعات التي نشبت بين أمرائها، واستراتيجيتها التوسعية، ودورها في السيطرة على كبريات المدن في شمال مالي، كما عالج المؤلف البنية الهيكلَّية لإمارة الصحراء، وتوزعها إلى كتائب وسرايا تنتشر في المنطقة، ودور كل فصيل منها في الحرب في أزواد.كما يتطرق المؤلف إلى الحركات الجهادية المتحالفة مع تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي في أزواد، وضمن هذا السياق تناول بالدراسة بشيء من التفصيل أربع حركات هي: جماعة أنصار الدين، وجماعة التوحيد والجهاد في غرب إفريقيا، وجماعة أنصار الشريعة، وحركة أبناء الصحراء للعدالة الإسلامية، باعتبارها حركات جهادية متحالفة مع تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي... أما الحركات المسلحة غير الجهادية في أزواد والتي تمثلها: الحركة الوطنية لتحرير أزواد، والحركة العربية الأزوادية، والمجلس الأعلى لوحدة أزواد، وحركة "الكُونْدوكُوي"، فيدرس الكتاب علاقة هذه الحركات بعضها ببعض، فضلاً عن علاقتها بالحركات الجهادية.وأخيراً يُـختتم الكتاب بملاحق تتضمن مقابلتين حصريتين أجراهما المؤلف مع مؤسس إمارة الصحراء في تنظيم القاعدة وزعيم جماعة "الملثمين" مختار بلمختار، وأخرى مع أمير الصحراء الكبرى في تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي يحيى أبو الهمام، وتعتبر المقابلتان هما الوحيدتان حتى الآن بالنسبة للرجلين مع وسائل الإعلام؛ حيث لم يجرِ أيٌّ منهما مقابلة صحفية لا قبل ذلك ولا بعده حتى الآن، إضافة إلى بيانات تشكل في مضمونها تسجيلاً لمراحل مهمة في مسيرة بعض تلك الحركات الجهادية، ومنعطفاتها في تاريخها منذ النشأة وحتى اليوم.