لما كان للعربية من شرف المنزلة، وعلو المكانة، فلا غرو أن يقول قائل بعد ذلك: "والعربية خير اللغات والألسنة، والإقبال على تفهمها من الديانة، إذ هي أداة العلم، ومفتاح التفقه في الدين". وقد أكبَّ علماء العربية القدامى على اللغة العربية، يجمعونها ويضعون قواعدها، يوصفون أصواتها ونظامها، وتوالت المدارس النحوية واللغوية في التمييز والظه...
قراءة الكل
لما كان للعربية من شرف المنزلة، وعلو المكانة، فلا غرو أن يقول قائل بعد ذلك: "والعربية خير اللغات والألسنة، والإقبال على تفهمها من الديانة، إذ هي أداة العلم، ومفتاح التفقه في الدين". وقد أكبَّ علماء العربية القدامى على اللغة العربية، يجمعونها ويضعون قواعدها، يوصفون أصواتها ونظامها، وتوالت المدارس النحوية واللغوية في التمييز والظهور، بين بصرية وكوفية، وبغدادية وأندلسية ومصرية، تلتقي وتختلف، وتطرح قضايا ما زال علماء اللغة المحدثون يعالجونها بعد مرور ألف عام.وقد أقرّ علماء الغرب بأهمية جهود العرب في النحو واللغة وقالوا بأنها: "أثر رائع من آثار العقل العربي بما له من دقة الملاحظة، ومن نشاط في جمع ما تفرّق، وهو أثر عظيم يرغم الناظر فيه على تقديره، ويحقق للعرب أن يفخروا به". ومن تلك البحوث المتواصلة التي قام بها علماء العربية، أخذ "علم اللغة" نصيبه الوافر، ونما نمواً سريعاً.وفي هذا الكتاب بيّن الدكتور "محمد علي عبد الكريم الرديني" بالبحث العلمي التاريخي خطى هذا العلم ومناهجه، والقوانين التي وصل إليها على يد العلماء والباحثين. هذا وقد جاء بحثه في تمهيد وثمانية فصول: ففي التمهيد تناول اللغة محلّ اهتمام الإنسان، حيث واكب اللغة وجود الإنسان ونشأت بنشأته. فكانت محط اهتمام العلماء في شتى التخصصات، وفي الفصل الأول تناول اللغة من حيث طبيعتها ووظيفتها عند القدامى والمحدثين، ثم عرض للفرق بين اللغة والكلام. وفي الفصل الثاني من هذا البحث تناول مستويات استخدام اللغة، وبحث في مصطلحي "فقه اللغة" و"علم اللغة" من حيث تعريفهما والفرق بينهما عند العلماء، وعرض التسميات الأخرى لعلم اللغة، وأهداف علم اللغة العام ومجالاته وآراء العلماء في مبدأ التسوية بين "فقه اللغة" و"علم اللغة" بالشرح والتحليل. وفي الفصل الثالث عالج فيه الدراسات اللغوية قبل علم اللغة في العصور القديمة، وعند الغرب. وفي الفصل الرابع تناول مناهج الدراسات اللغوية والأسس التي لا بُدّ منها في المنهج. وفي الفصل الخامس تناول المناهج اللغوية بدراسة اللغة دراسة علمية، ونوّه إلى علم اللغة وصلاته بالعلوم الأخرى. وفي الفصل السادس تناول موضوع الإفادة من علم اللغة. وتطرق في الفصل السابع إلى علم الأصوات التي يعدّ فرعاً من فروع علم اللغة، وبيّن فيه موضع الدراسات الصوتية من الدراسات اللغوية. وأبرز دور علماء العرب في فيزيائية الصوت وإسهامهم في مخارج الأصوات وصفاتها والأصوات الصائتة والصامتة. وفي الفصل الثامن بحث في علم الدلالة من حيث تعريفه ونشأته وعلاقة اللفظ بالمعنى ومنزلة دلالة الألفاظ، وبحث أنواع الدلالات وأسباب التطور الدلالي ومظاهره.
