"برزخ: فنمت أحلم بالصور وبات يحلم بي رفرفاً في عالم الرفارف. عالم الرفارف: كان الطنين يئز من حولي، وما مسني مس، فها أنذا وقد انكشف الحجاب أنظر من شظايا كينونتي الأخيرة إلى كينونة وجودي الأولى فأراني أتشكل فتلتم ذراتي المتناثرة في الوهم الشاسع للخيال المطلق، إلى هذا الكائن الأولي المائع الذي لا أعرف له اسماً فيرن الصوت: أنت الهيو...
قراءة الكل
"برزخ: فنمت أحلم بالصور وبات يحلم بي رفرفاً في عالم الرفارف. عالم الرفارف: كان الطنين يئز من حولي، وما مسني مس، فها أنذا وقد انكشف الحجاب أنظر من شظايا كينونتي الأخيرة إلى كينونة وجودي الأولى فأراني أتشكل فتلتم ذراتي المتناثرة في الوهم الشاسع للخيال المطلق، إلى هذا الكائن الأولي المائع الذي لا أعرف له اسماً فيرن الصوت: أنت الهيولي. إذاً فهذا الجسد المائع المتحرك بفوضى لا تحد فوضاي هو أنا الهيولي... ها أنذا هيولي بعد أن كنت سراباً من سديم من عدم من وهم في خيال مطلق فيا لشقائي ويا لوعتي فبعد أن كنت لا محدوداً صرت ذا حد، وبعد أن كنت لا موجوداً صرت ذا جدّ ووجد فأي ذنب صنعت وأية خطيئة ارتكبت حتى صرت إلى ما صار. صوت: يا ابن الوجد قد مضى زمن العرفان فكن عيناً في غيهبك وكن لساناً. فكنت لساناً أرى ولا أعي، وأعي ولا أنطق... ثم فجأة رأيتني أتمدد وأتقلص وأنغلق وأنبثق فكأنني كره من مداد، أندلق ولا أئتلق، وأرعى ولا أرعوي، فكأنما أصابت الكرة جنة، وكأنما الجنة نار تحترق ولا دخان ثم رأيتني أتشكل هيئة أخرى، وكان في تلك اللحظة وهم عرش الذات طافياً فوق العماء، وتحت العماء، فراغ وفوق العماد دخان، فهو بين الفراغ والدخان كان، وكان العرش فوق بحر العماء، والكرسي فوق العرش، والذات فوق كل ذات. وكنت أنا هيولياً أتشكل صيغة أخرى بأمر الآمر الذي أمر: كن رفرفاً بين الرفارف فإذا بالكرة الهلامية تتماسك وتصطك، وإذا بالهيولي يصير شكلاً رغوياً يتماثل إلى هيئة بلورية بصيغة طيرية، وإذا بي ينبت لي جناحان من نور وجسد من رغوة البلور. خفق الجناحان خفقة واحدة فإذا بي رفرف في عالم الرفارف السنية أدور مع الدائرين في ملكوت الذات العلِيًّة".بعيدة كالحلم ظلال الواحد، تَرَفٌ خيالي يجتاح محمد سناجلة فيأخذه إلى عوالم ألف باء الخلق. يمضي مستمتعاً وممتعاً القارئ استرسالات صوفية واستشفافات فلسفية تكشف عن طموحات النفس لبلوغ مقامات علية إلا أن الروائي لم يمنعه ذلك من لتحليق في عوالم العقل، متخذاً من الواقع واستقراءاته مساحة تتيح للقارئ التأمل في ذاك العطاء الروائي الذي يزخر باتجاهات إبداعية تقف خارج المألوف والمتداول في عالم النص والخيال الروائي.