الصحافة مهنة لها أساس فطري مثل العديد من المهن الأخرى، وهي مهام يحتاجها الإنسان ويمارسها بنفسه، ولكن تطور الخبرة اللازمة وتعقدها عبر التراكم الذي جعل الإلمام بمتطلبات المهنة يحتاج إلى تفرغ وتخصص، ولذلك عهدت المهمة إلى شريحة تختص بها وتقدمها إلى الآخرين مقابل علاقة تبادلية. والصحفي هو الشخص الذي يتفرغ ويتخصص لأداء هذه المهام فيحض...
قراءة الكل
الصحافة مهنة لها أساس فطري مثل العديد من المهن الأخرى، وهي مهام يحتاجها الإنسان ويمارسها بنفسه، ولكن تطور الخبرة اللازمة وتعقدها عبر التراكم الذي جعل الإلمام بمتطلبات المهنة يحتاج إلى تفرغ وتخصص، ولذلك عهدت المهمة إلى شريحة تختص بها وتقدمها إلى الآخرين مقابل علاقة تبادلية. والصحفي هو الشخص الذي يتفرغ ويتخصص لأداء هذه المهام فيحضر بالوكالة عنا ويروي الحدث فيجعلنا نشارك عن طريق القصة الإخبارية أي عن طريق رموز لغوية وكأننا حضرنا مباشرة، الصحفي حاضر بالوكالة عن الغائبين ومسؤوليته أن يروي بصدق ودقة ووضوح ما جرى، العمل الصحفي كتابة إلى غائب. هذه الحالة ليست دائماً ممكنة، إذ لا يتاح للصحفي الحضور المباشر دائماً فيلجأ إلى تجميع المعلومات من مصادر أخرى ويعيد تركيب الحدث فيكون الخبر رواية عن رواية. وتمثل الأخبار جانباً مهماً في عالم الإعلام في عالمنا المعاصر، وتبقى على الدوام السبيل الفاعل في متابعة الأحداث وتطوراتها في خضم ذلك الكم الهائل منها الذي تتجاذبه وسائل الاتصال بمختلف أشكالها. يمثل (الخبر) عنصراً أساسياً في تلك العملية الإعلامية، سواء في مجال الصحافة أو الإذاعة أو قنوات التلفزة وشبكات البث الفضائي. لم يعد الخبر الصحفي مجرد وصف اعتيادي لحدث معين يحظى بالاهتمام بل أصبح صناعة مميزة لها سماتها الخاصة، وهذه الصناعة الصحفية دخلت وتفاعلت فيها عوامل عدة أسهمت في تطور أساليبها ووسائلها وطرائق إيصالها إلى الجمهور. إن عملية جمع الأخبار وأساليب إعدادها وإخراجها وتوزيعها دخلت مرحلة مهمة من التطور الذي رافق ثورة الاتصال والمعلوماتية وهكذا نجد العملية الإخبارية قد تعقدت تبعاً لعالم ملئ بالصراعات المختلفة من إيديولوجية وثقافية واجتماعية واقتصادية وسياسية تركت أثرها واضحاً في العملية الإخبارية. وقد شهد النصف الثاني من القرن الماضي ظهور أنماط جديدة من أساليب تحرير وكتابة الأخبار وتغيرت النظرة إلى الخبر تعريفاً ومفهوماً وأصبحت عملية إعداده صناعة متقنة ومعقدة تجاوزت الوصف الاعتيادي للأحداث الجارية لتصبح عملية دقيقة لها وسائل وأساليبها وفلسفتها الخاصة. وقد امتد هذا التطور ليشمل لغة الخبر وطريقة صياغته وتحريره وقوالبه والشكل الذي يصل به إلى المتلقي، لذلك فقد أولى الباحثون، ومازالوا، هذا الموضوع أهمية خاصة انسجاماً مع تلك التطورات الكبيرة التي تشهدها الصحافة في نظرتنا إليها كعلم وفن وصناعة. يعد الخبر العمود الفقري لأي صحيفة بل ومن أهميته نجد أن الصحافة لا تعرف عن غيرها من المطبوعات إلا باحتوائها على الأخبار باعتبار أن الوظيفة الأساسية لها هي الإعلام، والتفسير، والتنشئة الاجتماعية، والترفيه ولذلك فان حجر الأساس الذي تقوم عليه هو الخبر ولا تقف أهمية الخبر عند هذا الحد بل إن الخبر هو الأساس الذي تقوم عليه الأنماط الصحفية الأخرى وجميع فنون التحرير كالحديث والتحقيق والمقال، بل إن الكاريكاتير نفسه يقوم على الخبر. ويأتي هذا الكتاب مساهمة جادة لولوج هذا المعترك بأطر علمية تواكب مستجداته.