خلق الله عز وجل النباتات قبل خلق الإنسان لتكون له ولجميع الكائنات غذاءً ودواءً على حد سواء، فأعطى الحيوان غريزة الاهتداء إلى نوع النبات الذي يشفيه من مرضه، وترك للإنسان القدرة على البحث والملاحظة والاستنتاج ليميز بين مختلف أنواع النباتات، ويهتدي بعقله إلى معرفة النافع منها والضار، وما يستعمل منها للغذاء أو يستعمل للدواء.وقد كان ...
قراءة الكل
خلق الله عز وجل النباتات قبل خلق الإنسان لتكون له ولجميع الكائنات غذاءً ودواءً على حد سواء، فأعطى الحيوان غريزة الاهتداء إلى نوع النبات الذي يشفيه من مرضه، وترك للإنسان القدرة على البحث والملاحظة والاستنتاج ليميز بين مختلف أنواع النباتات، ويهتدي بعقله إلى معرفة النافع منها والضار، وما يستعمل منها للغذاء أو يستعمل للدواء.وقد كان التداوي بالأعشاب والنباتات الطبية منتشراً بين الحضارات القديمة المتعاقبة منذ فجر التاريخ، حيث استفادت كل حضارة من التي سبقتها، وزادت عليه من تجاربها، فكان طب الأعشاب خلاصة لتجربة الشعوب عبر التاريخ، وكان هو الطب المتداول بين البشر طوال آلاف السنين، فجاء محتوياً على قدر كبر من العلوم والمعارف الطبية التي أكد العلم التجريبي الحديث صحتها.ومع بداية النهضة العلمية الحديثة وازدهار علم الكيمياء خلال القرن التاسع، أخذ علم التداوي بالأعشاب يتراجع وينطوي تدريجياً في عالم الإهمال ليحل محله التداوي بالعقاقير الصناعية الحديثة المركبة كيميائياً، إلا أنه من مرور الوقت أدّى الاستعمال المفرط لهذه العقاقير إلى بروز تأثيرات جانبية وأخطار لم تكن متوقعة، كما أن كثيراً من هذه الأدوية يخفي أعراض المرض ولا يعالج حقيقته، والدواء الذي يكون فعالاً في معالجة مرض معين قد يكون سبباً في ظهور مرض آخر ربما كان أشد ضرراً.وكان هذا دافعاً إلى فتح المجال والعودة بقوة نحو أحضان الطبيعة، والبحث بشكل جاد عن الأعشاب الطبية التي أثبتت فاعليتها وضمان سلامتها.فالأدوية الصيدلانية الكيمائية ذات تأثير قوي وشديد على المرض، إلا أن تفوقها لا يظهر إلا في مجالات محددة. وفي حين أن الأدوية العشبية لها مفعول لطيف في المعالجة، وغالباً ما يكون لها أثر وقائي على المدى البعيد.وهذا ما دعا منظمة الصحة العالمية إلى عقد ندوات عديدة تدعو فيها دول العالم إلى حماية الأعشاب وإدراج التداوي بها ضمن برامج الرعاية الصحية الأولية لديها. وقد أقرت وزارات الصحة في كثير من دول العالم استخدام طب الأعشاب بشكل رسمي بعد تأكدها من فوائد المواد الفعالة الموجودة في النباتات استناداً إلى عديد من الدراسات السريرية العليمة، وأقامت لذلك العديد من المعاهد والجامعات. وأخذ أطباء الأعشاب بالتعريف على المكنونات الثمينة للعشبة الطبية، وتقسيمها إلى عائلات وفصائل. وبمساعدتهم استطاع الإنسان تحديد أفضل وقت للحصاد تكن فيه المواد الفعالة في أعلى مستوياتها وكامل تحولاتها، واستطاع معرفة أفضل الوسائل لزراعتها، وأفضل مناخ مناسبين لها، وكيفية جمعها وحفظها، وتحديد الجزء الأكثر فاعلية فيها. فبعض النباتات يستفاد من زهورها وأخرى من أوراقها أو ساقها، ورابعة من جذورها، وقد تستعمل النبتة بكامل أجزائها. ومعلوم أن العشبة الواحدة تحتوي على مجموعة من المواد الفعالة المفيدة في معالجة أمراض مختلفة، فقد جمعت قدرة الخالق عز وجل هذه المواد الشافية في أنسجة النباتات بمزيج من النسب المحددة والموزونة بما لا يمكن للإنسان بعقله ومصانعه أن يأتي بمثله، كما أن تأثير المواد الشافية لا ينفرد في جزء واحد خاص من الجسم لا يتعداه إلى غيره كما هو الحال في الأدوية المصنعة كيميائياً، بل إن تأثيرها يتعدى ذلك ليشمل مختلف أعضاء الجسم ويعالج المرض بمختلف تأثيراته.وفي هذا الكتاب شرح مبسط لأهم النباتات والأعشاب الشعبية المعروفة في البلاد العربية، حيث يجمع كثير منها بين الغذاء والدواء. ففي القسم الأول منه شرح ميسر لمائة وواحد وثمانون نباتاً شعبياً مرتبة ترتيباً هجائياً، حيث قدم لكل نبات بوصف مبسط عنه، وعن تاريخه، وأنواعه، وأماكن انتشاره، والأقسام المستعملة منه، ثم تم تبيان مكوناته الفعالة وكيفية توزعها في أقسام النبات. تم ثم شرح خصائص النبات وفوائده والأمراض التي يعالجها، واستخداماته الداخلية والخارجية، وطريقة استعماله، ومقادير الجرعة المطلوبة منه، وختم هذا القسم بتنبيه عن الأضرار والآثار الجانبية للنبات في حال وجودها.أما القسم الثاني من الكتاب فجعل خاصاً بالأمراض الشائعة المعروفة والأعشاب المفيدة في معالجتها، حيث رتبت الأمراض ترتيباً أبجدياً، ثم قدم لكل مرض بشرح مبسط عنه، ثم تم ذكر الأعشاب المفيدة في معالجته مع كيفية استعمالها، وختم الكتاب بجداول مبسطة وضح فيها أسماء الأعشاب وأهم فوائدها وخصائصها وأسماء الأمراض وأهم النباتات المفيدة في معالجتها.