لا يخفى على أحد أن الحاجة إلى التغيير أصبحت سمة من سمات الحياة التي تعيشها في كافة جوانب حياتنا، وكلنا يعلم أن التغيير في نشاط المؤسسات المختلفة أصبح مطلباً ضرورياً من أجل ممارسة العمل الإداري بما يتناسب مع متطلبات العصر، فقد أصبح تحدياً حقيقياً لا يمكن تجنبه بالنسبة لكل مدير. فمنذ إطلالة هذا القرن تعيش البشرية حقبة التحيات المخ...
قراءة الكل
لا يخفى على أحد أن الحاجة إلى التغيير أصبحت سمة من سمات الحياة التي تعيشها في كافة جوانب حياتنا، وكلنا يعلم أن التغيير في نشاط المؤسسات المختلفة أصبح مطلباً ضرورياً من أجل ممارسة العمل الإداري بما يتناسب مع متطلبات العصر، فقد أصبح تحدياً حقيقياً لا يمكن تجنبه بالنسبة لكل مدير. فمنذ إطلالة هذا القرن تعيش البشرية حقبة التحيات المختلفة سواء كانت تكتلات إقتصادية أو سياسية أو علمية أو ثقافية وكذلك متطلبا المؤسسات العالمية. فالتغيير سنة من سنن الحياة البشرية. والمقولة الشائعة لدى علماء الغرب " أن الشيء الثابت الوحيد في هذه الدنيا هو حقيقة التغيير المستمر " وعليه نقول أن الحاجة إلى التغيير أمر طبيعي جداً بغض النظر عن أية ملابسات سياسية أو إدارية أو أية ظروف محلية أو دولية طارئة...ولكن وجود مثل تلك الملابسات يضفي مزيداً من المشروعية على الدعوة للتغيير، لأن التغيير الذي ندعو إليه في عالمنا العربي يجب أن يكون إستجابة إرادية واعية لمتطلبات العصر إذ لا يمكن حفظ الإستقرار إلا من خلاله وحيث يقول حازم الببلاوي: إن التغيير ليس مناقضا للإستقرار بل قد أهم مقوماته إذ الإستقرار ليس معناه الجمود وعدم التغيير بل معناه التلاؤم بين الظروف والأوضاع والنظم والقواعد، وكما أن الظروف والقواعد في تغير مستمر، وهكذا ينبغي أن تكون النظم والقواعد، لأن عدم مسايرة هذه الظروف والأوضاع يولد المصادمات والإنفجارات وبالتالي تهديد أسس الإستقرار. ولذلك فمن الناحية الأكاديمية العلمية فإن موضوع التغيير وتحدياته يعتبر من المواضيع التي لا زالت في رأي الباحث بحاجة إلى المزيد من الجهد لبلورة نظرية علمية متكاملة له. كما أن ظاهرة التغيير المتسارع وإدارته بصفة خاصة لا زالت بحاجة إلى المزيد من الجهد البحثي حتى يمكن فهمها بشكل كامل وخاصة في جانب ممارستها من قبل المديرين في المنظمات الخاصة والحكومية والطوعية. وأما من الناحية التطبيقية فإن هناك حاجة واضحة إلى الدراسات الميدانية في موضوع إدارة التغيير وتحدياته وبصفة خاصة في المؤسسات العربية، التي أصبحت في أشد الحاجة إلى إدارة فاعلة تكون قادرة على التعامل وإستيعاب المتغيرات المتنوعة التي يعاصرها العالم العربي والإسلامي في الوقت الحاضر، وتأكيداً لهذا الأمر، فقد إختار الباحث مؤسسة الخطوط الجوية العربية السعودية لتكون موضوع دراسته العملية لكونها تعتبر من المؤسسات الرائدة في إحداث التغييرات في أساليبها المختلفة في مجال النقل والشحن الجوي على مستوى العربي والعالمي، حيث أنها تصنف في المرتبة الثامنة في قائمة أسطول الطيران العالمي من حيث عدد الطائرات وعدد العاملين إذ يبلغ عدد العاملين بها خمسة وعشرين ألف موظف، وهو ما يجعل التغيير ومتابعته مطلباً رئيساً لجميع المستويات الإدارية العاملة فيها. ومع تحديات ثورة المعلومات من هندسة وراثية وإتصال متسارع بين الدول والمؤسسات من أجل تبادل المنافع والسلع من خلال شبكة الإنترنت والأقمار الصناعية، أصبح واجباً على الإداريين من طبقة المديرين والقادة، العيش والتعامل مع هذا العصر بتفهم وتفتح مع حضارات ومناهج وأفكار إدارية وثقافية مختلفة. وذلك لأن غالبية المؤسسات قد غيرت أو طورت أهدافها وسياستها التنظيمية لمواكبة التغيير المطلوب مثل تقليص أعمال وزيادة أخرى أو إعادة وتغيير أدوار بعض المديرين والعاملين فيها. ومن هنا ننبه إلى ضرورة المعرفة النظرية بأهمية وفائدة التغيير، وأن كونه أمراً حتمياً وواجباً يختلف عن تفعيل هذا التغيير عملياً، فالإنتقال من المعرفة الذهنية إلى العمل يعد أمراً أكثر صعوبة خاصة عندما لا يكون هناك دلائل تساعد على ذلك. فالتغيير أصبح أمراً مطلوباً ولا مفر منه، إلا أن الصعوبة التي تواجه القائمين عليه وخاصة فئة المديرين هي كيف يمكن لهم أن يجعلوا هذا التغيير يعمل بشكل حقيقي وفعال ليؤدي النتائج المطلوبة منه. والناظر في سلوك غالبية المديرين يجد أنهم لا يميلون إلى التخطيط المسبق للتغيير بل يتعاملون معه عندما يصبح أمراً حتمياً وضرورياً لا مفر منه بالنسبة لهم. وبناء على ما تقدم فإن أهمية هذه الرسالة بالنسبة لكا مدير تكمن في إبرازها للنقاط التالية: 1-الوعي والإدراك لمفهوم إدراة التغيير كمهارة عصرية لا بد منها بالنسبة للمدير. 2-الوعي والإدراك للتحديات العصرية الناجمة عن التغيير وطيفية التعامل معها. 3-إعادة صياغة كثير من المفاهيم التنظيمية والإدارية في مؤسساتنا لتتلاءم مع المتغيرات والتحديات المختلفة. 4-إدراك أهمية دعم وتأييد الإدراة العليا لإحداث التغيير والتعامل مع تحدياته المختلفة. 5-ضرورة حيازة القدرة التكنولوجية والمادية والبشرية والبيئية للتعامل مع التغيير وتحدياته. 6-أهمية تدريب وتأهيل القوى البشرية للتعامل مع التغيير وإحداثه بكفاءة وفعالية. 7-ضرورة تقدير أصحاب الرؤى والكفاءات وتلسيمهم سلطة إتخاذ القرار. إضاقة إلى ما تقدم يود الباحث أن يطرح في هذه الرسالة بعض الأفكار و التجارب التي يرى أنها سوف تساعد كل مدير على إثبات دوره أمام تحديات التغيير الحاضرة من خلال إدراك أهمية وضع الرؤى والأهداف لمؤسسته والعمل على تحقيقها وإثبات دوره كإنسان له قيمة فعالة في المؤسسة والمجتمع الذي يعيش فيه ويملك مهارات عملية للتعامل مع أي عملية تغيير.