كان لعلماء الطبقات مؤلفات كثيرة، وأصولاً قيمة، جمعها، وهذّبها، ورتبها، طائفة من ثقات المحدثين في مجموعات حديثية، ربما كان من أجلّها الكافي للكليني المتوفي سنة 329هــ، بالإضافة إلى كتب أخرى هي من لا يحضره الفقيه لابن بابويه وتهذيب الأحكام والإستبصار للشيخ الطرسي وغيرها.وإن ما سيتم الحديث عنه هو كتاب الكليني أصول الكافي، الذي تعود...
قراءة الكل
كان لعلماء الطبقات مؤلفات كثيرة، وأصولاً قيمة، جمعها، وهذّبها، ورتبها، طائفة من ثقات المحدثين في مجموعات حديثية، ربما كان من أجلّها الكافي للكليني المتوفي سنة 329هــ، بالإضافة إلى كتب أخرى هي من لا يحضره الفقيه لابن بابويه وتهذيب الأحكام والإستبصار للشيخ الطرسي وغيرها.وإن ما سيتم الحديث عنه هو كتاب الكليني أصول الكافي، الذي تعود أهميته لمؤلفة ولموضوعه، وأما سيرة المؤلف الكليني فهي معروفة في التواريخ وكتب الرجال، والمشيخات الحديثية، وكتابه النفيس الكافي، له من الشهرة ماله، ومن إنتشار الصيت، فلا يبرح أهل الفقه محدودي الأطراف إليه، شاخصي البصر نحوه، ولا يزال حملة الحديث عاكفين على إستيضاح عزّته، والإستيضاح بأنواره، وهو مدد آثار النبوة، ووعاة علم آل محمد صلى الله وعليه وسلم وحماة شريعة أهل البيت، ونقلة أخبار الشيعة، ما انفكوا يستندون في إستنباط الفتيا إليه، وهو جدير بالإعتماد عليه في إستخراج الأحكام، حقيق أن يتوفر على تدارسه، جديرٌ أن يعنى بما تضمن من محاسن الأخبار، وجواهر الكلام، وطرائف الحكم، وقد ظلّ حجة المتفقهين عصوراً طويلة، ولا يزال موصول الإسناد والرواية، مع تغيّر أصل الزمان، وتبدّل الدهور.وقد اتفق أهل الإمامة، وجمهور الشيعة، على تفضيل هذا الكتاب والأخذ به، والثقة بخبره، والإكتفاء بأحكامه، وهم مجمعون على الإقرار بإرتفاع درجته وعلوّ قدره، قال الشيخ المفيد: "... الكافي، وهو من أجلّ كتب الشيعة، وأكثرها فائدة"، وقال الشهيد محمد بن مكي في إجازته لابن خازن"...كتاب الكافي في الحديث الذي لم يعمل الإمامية مثله، وقال المحقق عليّ بن عبد العالي الكركي "الكتاب الكبير في الحديث، المسمى بالكافي، الذي لم يعمل مثله... قد جمع هذا الكتاب من الأحاديث الشرعية، والأسرار الدينية، ما لا يوجد في غيره، ويحتوي الكافي على ما لا يحتوي غيره من العلوم حتى أن فيه ما يزيد على ما في الصحاح الست للعامة متوناً وأسانيد، فإن عدّة أحاديث الكافي 16199 حديثاً، وهذه نبذة مختصرة عن المؤلف، الكليني هو محمد بن يعقوب بن إسحاق الكليني الرازي، ويعرف أيضاً بالسلسليّ البغدادي، أبو جعفر الأعور.ينتسب إلى بيت طيّب الأصل من كلّين من نواحي الريّ في إيران، أخرج عدّة من أفاضل رجالات الفقة والحديث، منهم خاله علاّن، وكان هو شيخ الشيعة في وقته بالريّ ووجههم ثم سكن بغداد في درس السلسلة بباب الكوفة وحدّث بها، وقد انتهت إليه رئاسة فقهاء الأمامية في أيام المقتدر، وقد أدرك زمان سفراء المهدي عليه السلام وجمع الحديث من شرعه ومورده، وقد انفرد بتأليف كتاب الكافي في أيامهم، كان مجلسه مثابة أكابر العلماء الراحلين في طلب العلم، كان الكليني عالماً متعمقاً، محدثاً، ثقة، حجّة عدلاً، سديد القول، يعدّ من أفاضل حملة الادب، ومخول أهل العلم، وشيوخ رجال الفقه، وكبار أئمة الإسلام، وكان إلى ذلك عارفاً بالتواريخ والطبقات، صنف كتاب الرجال، ردّ على القرامطة في كتاب ألفه من أجل ذلك.وأما بمتابعة بالآداب، فمن إماراتها كتاباه: رسائل الأئمة، وما قيل في الأئمة من الشعر، ولعل كتابه تفسير الرؤيا خير كتاب أخرج في هذا الباب.