ما زلنا أمام تطور الأوضاع وتصدع عرى ما كسبناه خلال كفاحنا المتأخر وغير التام ضد القوى الاستعمارية الغازية نسينا أو أُنسينا - لسذاجة مركبة عمت الأذهان - أن الحرب ضد وجودنا بوصفنا أمة إسلامية ما زالت قائمة بمختلف الأسلحة، السياسية الفكرية والثقافية والتربوية والعقائدية. وما زلنا نفسر تخلفنا على الشكل نفسه الذي ذكره مالك بن نبي منذ...
قراءة الكل
ما زلنا أمام تطور الأوضاع وتصدع عرى ما كسبناه خلال كفاحنا المتأخر وغير التام ضد القوى الاستعمارية الغازية نسينا أو أُنسينا - لسذاجة مركبة عمت الأذهان - أن الحرب ضد وجودنا بوصفنا أمة إسلامية ما زالت قائمة بمختلف الأسلحة، السياسية الفكرية والثقافية والتربوية والعقائدية. وما زلنا نفسر تخلفنا على الشكل نفسه الذي ذكره مالك بن نبي منذ بداية الستينيات. يقول هذا المفكر في كتابه مشكلة الأفكار: "وهذه الصعوبات قد فسرت بطريقتين مختلفتين: بالنسبة لأنصار الموضوعة الاستعمارية، فإن عامل التأخر عن الإقلاع هو الإسلام، وبالنسبة لأنصار الموضوعة القومية فإن الاستعمار هو المسؤول عن ذلك، وفي كلا التفسيرين عيب أساسي لغموض في أساسه... الأولون يتناسون الواقع التاريخي بتجاهلهم الدور الذي قام به الإسلام في إحدى أعظم الحضارات الإنسانية، والآخرون يجهلون أو يتجاهلون أن الدول الإسلامية الأكثر تخلفاً هي بالتحديد الدول التي لم تواجه تحدي المستعمر". والثقافة اليوم في عالمنا الإسلامي تحتاج إلى تعريف معاصر يبرز حركيتها وسعة مفهومها، فالعلم أضحى جزءً من الثقافة، وهذه حقيقة تأخرت أوربا في فهمها حتى زاحمتها اليابان، ونافستها في السياسة الاقتصادية والإنتاج والابتكار التكنولوجي، وهي اليوم تخشى زعامتها السياسية والعسكرية أكثر من أي وقت مضى. أما العالم المتخلف - والأمة الإسلامية جزء مهم من رقعته، وطرف كبير من منظومته - فهو بعيد تمام البعد عن الوعي باحتواء الثقافة للعلم، حتى في أدق بحوثه التقنية والتكنولوجية. العالم الإسلامي الآن في حاجة ملحة إلى إستراتيجية للثقافة.