كلما سألت، انقسم إلى اثنين: سؤالي وأنا، السؤال يبحث عن جواب، وأنا أبحث عن سؤال آخر، هل يحرّك فيك هذا الكلام شيئاً؟ هل ينبه فيك حساً راكداً أو نظرة أخرى إلى الوجود؟ ألا ترى أن إعتبار السؤال جزءاً منشطراً من الإنسان رؤية جديدة تنضاف إليك؟.لقد تعودنا على الأسئلة الجاهزة والأجوبة الجاهزة... وهذا مما ليس منه بدّ في الأمور الإجتماعية،...
قراءة الكل
كلما سألت، انقسم إلى اثنين: سؤالي وأنا، السؤال يبحث عن جواب، وأنا أبحث عن سؤال آخر، هل يحرّك فيك هذا الكلام شيئاً؟ هل ينبه فيك حساً راكداً أو نظرة أخرى إلى الوجود؟ ألا ترى أن إعتبار السؤال جزءاً منشطراً من الإنسان رؤية جديدة تنضاف إليك؟.لقد تعودنا على الأسئلة الجاهزة والأجوبة الجاهزة... وهذا مما ليس منه بدّ في الأمور الإجتماعية، كيف حالك؟ كيف الأهل؟ كيف الجماعة؟ كيف الطقس؟ عساكم بخير... إلخ.ولكن أن يمتد هذا النمط إلى الأمور الحياتية التي تمسّ الحركة الإجتماعية، ماضياً وحاضراً ومستقبلاً... فهذه كارثة!! وكثير من السؤال اشتياق، وكثير من ردّه تعليل، هذا على العين والرأس والقلب والرئتين، وفي الأمور اليومية والشخصية، ولكن أن تصبح الأسئلة كلها والأجوبة كلها من هذا النوع، فهذا هو البلاد.هناك طرق كثيرة لدراسة وتحديد مكانة أي مجتمع في سلّم الحضارة، ولكن هناك طريقاً، أعتقد أنه لم يسلك بعد، هو دراسة الأسئلة والأجوبة؟...إن مهمة الفلسفة أن تسأل، ومهمة العلم أن يجيب، ونحن حين ندرس الأسئلة والأجوبة التي تحرك ذاكرة المجتمع وتوقعه ورؤيته إلى المستقبل نعرف على الفور مقدار ما وصل إليه في ميدان العلم وفي ميدان الفلسفة، وهل يمكن أن يتطور مجتمع بدون قدمين؟! نحن أدرى، وقد سألنا بنجدٍ أطويلٌ طريقنا أم يطول؟ هل عانقت العذوبة المطلة عليك بوجهها الطفلي من شقوق هذا البيت ونوافذه؟ هل لذلك الفرق بين طريق طويل وطريق يطول؟... أيها الطريق: أنك طويل، فلماذا تطول...تلك كانت مقالة للشاعر والمفكر "محمد عبد الله العلي" تحت عنوان الإنشطار، وهي إحدى المقالات التي تنشرها صحيفة الجزيرة السعودية، وهي تنضم في موضوعها إلى رفيقاتها... إلى سائر مقالاته التي إنما تمثل محاولات محمد عبد الله لتجاوز السائد في الثقافة والمجتمع من خلال الكلمة.وهذه المقالات التي ضمنها هذا الكتاب، كان "محمد العلي" قد كتبها في كلٍّ من: صحف القبس الكويتية، والحياة اللندنية، والجزيرة السعودية، بالإضافة إلى مقالات لم يتم نشرها في الصحف، ونظراً لقيمتها الفكرية والأدبية تم جمعها في هذا الكتاب، وصاحب هذه المقالات "محمد عبد الله العلي" هو شاعر ومفكر من السعودية، ويعتبر من آباء حركة الحداثة الفكرية والأدبية في المملكة.شارك بكتابة المقالات والزوايا في صحف ومجلات عديدة منها: الحياة، الشرق الأوسط، الرياض، عكاظ، الشرق، اليمامة، الجزيرة، وصحيفة اليوم التي استمر بالكتابة فيها منذ أواخر الستينات حتى الآن، وقد رأس تحريرها لمدة عامين حتى اعتُقل ضمن من اعتقلوا في أوائل الثمانينيات، ومنع من السفر إثر هذا اثنا شر عاماً.وقد عانى طويلاً من منع كتاباته من النشر، شارك في الكثير من المحاضرات والأوراق النقدية التي قدمها في مختلف الأندية الأدبية والنشاطات الثقافية، من أهمها: مفهوم الوطن، الغموض الشعري، نمو المفاهيم، المثقف والإيديولوجيا، الأواني المستطرقة، أما نتاجه الشعري فقد جمع أخيراً في ديوان "لا ماء في الماء".