أعتقد أن الأحلام الكبيرة لا تضيع أبداً... خاصة إذا كان الحالمون بها من أولى العزم الذين يجاهدون ويجتهدون لتحقيق أحلامهم فإن أعيتهم السبل جاهدوا ليدركوا أقصى ما يمكن إدراكه من حلمهم الكبير... فهذا الجهد المتواضع الموجود بين دفتى هذا الكتاب يمثل أقصى ما أمكننى إدراكه من حلمى الكبير الذى بدأ قبل أربع سنوات حين أزعمت القيام بإعداد م...
قراءة الكل
أعتقد أن الأحلام الكبيرة لا تضيع أبداً... خاصة إذا كان الحالمون بها من أولى العزم الذين يجاهدون ويجتهدون لتحقيق أحلامهم فإن أعيتهم السبل جاهدوا ليدركوا أقصى ما يمكن إدراكه من حلمهم الكبير... فهذا الجهد المتواضع الموجود بين دفتى هذا الكتاب يمثل أقصى ما أمكننى إدراكه من حلمى الكبير الذى بدأ قبل أربع سنوات حين أزعمت القيام بإعداد موسوعة ضخمة عن عالم المخابرات والجاسوسية منذ بدء الخليفة وحتى الآن تحت عنوان (المخابرات من العسس إلى أقمار التجسس) وقد طرقت كل الأبواب التى قد تساعدنى فى إنجاز هذا العمل الضخم.ورغم الجهد الكبير الذى تم إلا أن قلة المراجع ظلت قيدا يعوق الحركة ويمنع التقدم إلا بشق الأنفس. وفى ظل هذه الصعاب والإحتياطات جاءت (جائزة السماء) لكى تؤكد (إن الله لا يضيع أجر من أحسن عملاً) فقد اكتشفت أثناء عمليات البحث والتنقيب فى تلك المراجع القليلة أن رسول الله محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم إلى جانب عبقريته العسكرية فهو أيضاً يمتلك عبقرية نادرة فى دنيا المخابرات ،ولأنى كنت ومازلت من المؤمنين أن الإعجاز فى شخصية رسول الله عليه الصلاة والسلام يكمن فى بشريته وفى عبقرية رؤاه الإنسانية فى كل اجتهاداته فقد وجدت فى (العبقرية المخابراتية) عند الرسول صلى الله عليه وسلم ما يزيدنى إيماناً بالإعجاز البشري فى شخصيته عليه الصلاة والسلام ،وسوف نكتشف معاً من صفحات هذا الكتاب أن الرسول الكريم قد سبق الزمن بمئات السنين ليبتكر أساليب وطرق فى عالم المخابرات لم يعرفها العالم إلا فى الحربين العالميتين الأولى والثانية.وقد كان رسول الله ذلك النبي الأمى الذى غير وجه التاريخ يعطى أهمية كبيرة لكل أعمال المخابرات فله دوماً عيون مبثوثة فى كل الأماكن التى تهم الدولة الإسلامية الوليدة وبشكل خاص تلك الأماكن التى تحمل بعض التوتر الذى قد يجعلها عوامل قلقل للإسلام أو للمسلمين. كما ابتكر الرسول عليه الصلاة والسلام العديد من طرق الإخفاء والتمويه على الأعداء كما أن نصائحه إلى رجال مخابراته مازالت حتى الآن تمثل النصائح الذهبية لأى رجل مخابرات فى العالم وللحق فإننى أجد فى هذه الصفحات التى أرصد من خلالها لعالم (مخابرات الرسول) نوعاً من (الجوائز الإلهية) العظيمة تعويضاً لى على ذلك الجهد الذى بذل وعلى ذلك الحلم الذى لم يتم ،وإن كنت قد وضعت خلال هذه الصفحات جزءاً لا بأس به من حلمى وذلك من خلال الفصل الذى يأخذنا فى سياحة تاريخية فى عالم الجاسوسية والمخابرات بل إننى قد التزمت فى إعداد هذه الدراسة عن مخابرات الرسول بنفس المنهج الذى كنت أنتهجه فى إعداد الموسوعة الكبرى عن المخابرات حيث قمت برصد أعمال المخابرات عند الرسول صلى الله عليه وسلم من خلال عملية تحليل لكل الغزوات والسرايا التى تمت فى عهده عليه الصلاة والسلام وبعض هذه الغزوات والسرايا تمت بقيادة الرسول شخصيا وبعضها الآخر تم يقيادة العديد من الصحابة الكرام.
