هذه إضاءات هادية، أقدمها بين يديِّ هذا البحث، لتوضيح بعض الجوانب فيه، تتعلق بالأمور التالية:أ- الدوافع الكامنة وراء اختياري للبحث في هذا الموضوع:فإن في خطبة حجة الوداع لعبرا سامية، ومواعظ سامقة، ودروسا جامعة وفوائد نافعة، وفرائد يانعة، تحكي المبادىء الكبرى لدين القيمة، بألفاظ موجزة، ومعان واضحة شافية، وتحتوي على خُلاصةٍ من الوصا...
قراءة الكل
هذه إضاءات هادية، أقدمها بين يديِّ هذا البحث، لتوضيح بعض الجوانب فيه، تتعلق بالأمور التالية:أ- الدوافع الكامنة وراء اختياري للبحث في هذا الموضوع:فإن في خطبة حجة الوداع لعبرا سامية، ومواعظ سامقة، ودروسا جامعة وفوائد نافعة، وفرائد يانعة، تحكي المبادىء الكبرى لدين القيمة، بألفاظ موجزة، ومعان واضحة شافية، وتحتوي على خُلاصةٍ من الوصايا النبوية العظيمة، مثل: حُرمة دمِ المسلم ومالِه، والدعوة الى أداء الأمانة، والتحذير من مظاهرالعصبية الجاهلية، وتحريم الربا وإهدار دماءَ الجاهلية، والحذر من الشيطان والتوصية بالنساء خيراً، والدعوة إلى المساواة بين الناسِ في الانسانية وعدم المفاضلة بينَهم إلا بالتقوى كما تمثل الخطبة نَمُوذجاً من الهديِ النبوي الشاملِ والخطابِ الإسلامي المتكامِل، حيث جَمعَ صلى الله عليه وسلم في خُطبتِه توجيهاً عقدياًّ واجتماعياًّ واقتصادياًّ. كما تعتبر وَصيةً إلى الالتزام بالدين القيم الكاملِ الشاملِ لجوانبِ الاعتقاد والعبادة والعناية بالإصلاح الاجتماعي في شأن المرأة والأسرة والمجتمع. إنِّ هذه الخطبةَ النبوِيةَ تُمثِّلُ رُؤيةً واضِحةً ومنهَجاً اجتماعياًّ مُتوازِناً مُتناسِقاً بين مُراعاةِ حُقوقِ الفردِ والجماعة، وحُقوقِ الرجلِ والمرأةِ والأُسرةِ؛ تقومُ على قاعِدةِ الالتزامِ بالحقوقِ والواجبات؛ وهذه الخطبةُ في الحقيقةِ دُستُورٌ رائعٌ لبناءِ مجتمعٍ مُتكاتِفٍ مُتكافلٍ يشُدُّ بعضُه بعضاً، وتتكاملُ فيه جهودُ الفردِ والجماعةِ والأسرةِ والمجتمع. وقد جاء نزولُ الآيةِ الكريمة ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ﴾ [المائدة: 3]؛ إتْماماً لهذا المشروعِ الحضاري العظيم: مشروع إكمالِ الدينِ واتمام النعمة. من هنا فقد وليت وجهي وقلبي شطر تلك الكلمات، التي ودعنا بها الحبيب المصطفى عليه أتم الصلوات، والتي كانت بمثابة وصية لنا قبل رحيله والممات لقد نظرت في تلك الكلمات، فتاقت النفس للغور في فوائدها الفكرية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية والبلاغية، فسطر القلم بعون الله تعالى الذي أسأله بجوده الذي هو غاية مطلب الطُّلاّب وكرمه الواسع الذي لا يحول دونه سترٍ ولا حجاب أن يجعله في إصلاح الدين ورجحانا في ميزاني عند خِفَّة الموازين إنه خير مأمول وأكرم مسؤول... ب- منهج البحث وطريقة السير في معالم الرسالة:وضعت نصب عيني للبحث منهجاً أوجز أركانه، وأفند دعائمه في النقاط التالية:1- عُنِيتُ بالأدلة الشَّرْعية من المصادر الأصلية، والرجوع إلى المصادر الأصيلة في تفاسير القرآن الكريم وشروح السنة النبوية والمصادر الفقهية.2- الحرص على التزام الأمانة العلمية في عزو الأقوال إلى قائليها، وبذل الجهد في نقل قول كل قائل من مصدره على قدر المستطاع.3- الحرص على تدعيم البحث بالنصوص الشرعية من الكتاب والسُنَّة، ونصوص العلماء.4- بيان مواضع الآيات القرآنية الكريمة في المصحف الشريف، بذكر اسم السورة ورقم الآية.5- تخريج الأحاديث النبوية الواردة في ثنايا الكتاب بالرجوع إلى كتب الحديث المعتمدة عند المُحَدِّثين.