كيف اشتغلت الرقابة وكيف تشتغل، باعتبارها قوة مصادرة أو طمس أو حجب أو تعمية؟ وما حدود اشتغالها مستقبلا، في ضوء تطور الوسائط المعلوماتية والسمعية البصرية؟ ما هي الهيئات والقوى المختلفة التي تقوم بها اليوم؟ ما هي آلياتها؟ وما مواضيعها المفضلة؟ وأي أقنعة متجددة ترتديها؟ وباسم أي المبادئ تتم؟ وإلى أي حد تكون هذه المبادئ مبهمة فضفاضة ...
قراءة الكل
كيف اشتغلت الرقابة وكيف تشتغل، باعتبارها قوة مصادرة أو طمس أو حجب أو تعمية؟ وما حدود اشتغالها مستقبلا، في ضوء تطور الوسائط المعلوماتية والسمعية البصرية؟ ما هي الهيئات والقوى المختلفة التي تقوم بها اليوم؟ ما هي آلياتها؟ وما مواضيعها المفضلة؟ وأي أقنعة متجددة ترتديها؟ وباسم أي المبادئ تتم؟ وإلى أي حد تكون هذه المبادئ مبهمة فضفاضة أو واضحة محددة؟هل خففت شبكة الأنترنت من وطأة المصادرة في البلدان العربية؟ وهل تطورت القوانين العربية المتعلقة بالنشر، بنوعيه الورقي والالكتروني؟ لنذكّر بأن حرية التعبير حق أساسي يقرّه الفصل 19 للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، فهو ينص على أن «لكل شخص حق التمتع بحرية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحق حريته في اعتناق الآراء دون مضايقة، وفي التماس الأنباء والأفكار وتلقيها ونقلها إلى الآخرين، بأية وسيلة ودونما اعتبار للحدود».أيّ شوط قطعته البلدان العربية على اختلافها في قبول هذا الحق الأساسي وتفعيله، وفي التوفيق بين قوانينها وسياساتها التنفيذية ودساتيرها التي تنص -إن وجدت- على حرية التعبير؟ثم هل يمكن أن يتم إنتاج فكري دون رقابة ذاتية ما؟ ما هي حدود حرية التعبير، وهل يمكن أن نقول ونكتب كل شيء؟ أليس المسّ بحرمة الحياة الشخصية والتمييز العنصري والجنسي والتحريض على العنف من المحاذير التي فرضتها فلسفة حقوق الإنسان في هذا المجال؟ولكن ما علاقة هذه المحاذير بالثوابت والمقدسات التي تضعها المنظومات التقليدية حدودا لحرية التعبير؟ ما معنى «المسّ بالشعور الديني»، وهل يقف عائقا دون حرية المعتقد وحرية عدم الإيمان بالمسلّمات الدينية؟ هل يمكن أن نتحدث عن الحياة الشخصية لنوع خاص من الموتى، قُدّمت حياتهم على أنها نموذج يحتذى، كما هو الحال بالنسبة إلى الأنبياء وخاصة نبي الإسلام؟ ومن ناحية أخرى، هل يمكن اعتبار التشكيك في الوقائع التاريخية والمجازر خطاً أحمر لا يمكن تخطيه، كما هو الحال بالنسبة إلى المحرقة والإبادة الجماعية التي تعرّض لها اليهود في عهد النازية؟ وكيف ينتج كل عصر مقدساته التي لا يجوز المسّ بها، وما الفارق بين المقدسات «الدنيوية» الحديثة المستلهمة من مبادئ حقوق الإنسان والمقدسات الدينية التقليدية؟الرقابة تعمل عادة في صمت، وتحب الصمت، وتنشر الصمت؛ ولا تضيق بشيء ضيقها بالحديث عنها. ولذلك فمن المهم أن نتحدث عنها. فربما يساعدنا ذلك على توسيع دائرة ممكنِ القول والتعبير…هذا ما دفعنا إلى طرح هذه الأسئلة وفتح هذا الملف.