"ابتسم بخبث بعد أن اتضحت الفكرة لديه. قرر أن يجمع التعاويذ المكتوبة ويقرأها حسب ترتيبها ليرى النتيجة. عاد يتصفح المجلد من أوله، وأخذ يقرأ ويبحث عن التعاويذ الموجودة في فراغات بين الفقرات المكتوبة. لم يجد صعوبة في تحديدها، استطاع أن يجمع سبع جمل في المجلد تفصل بين كل منها مجموعة محددة من الصفحات، كأنها صفت بطريقة غريبة لتقرأ بها....
قراءة الكل
"ابتسم بخبث بعد أن اتضحت الفكرة لديه. قرر أن يجمع التعاويذ المكتوبة ويقرأها حسب ترتيبها ليرى النتيجة. عاد يتصفح المجلد من أوله، وأخذ يقرأ ويبحث عن التعاويذ الموجودة في فراغات بين الفقرات المكتوبة. لم يجد صعوبة في تحديدها، استطاع أن يجمع سبع جمل في المجلد تفصل بين كل منها مجموعة محددة من الصفحات، كأنها صفت بطريقة غريبة لتقرأ بها.الجمل مكونة من كلمات مكتوبة بحروف عتيقة بولغ في زخرفتها، حتى بدت وكأنها رسوم ونقوش أكثر منها كلمات، لكنها على الرغم من ذلك مفهومة ومقروءة بالنسبة إليه. عندما هم بالقراءة، تصاعد صراخ من أعماق نفسه ينهاه عن ذلك: "لا تقدم على مثل هذا الشيء، إنه لكفيل بإلقائك في هوة مظلمة بلا قرار، إنه أمر غير إنساني، بل إنه أمر غير طبيعي، لماذا تريد أن تقفز فوق الطبيعة؟! إن عبرت هذا الحاجز لترى ما وراء الظلام، فإنك لن تعود كما كنت، بل ستصبح شيئاً آخر، شيئاً مقززاً كريهاً لا يمت إلى الفطرة الإنسانية بصلة، تراجع، تراجع، قبل فوات الأوان".تنبه لهذا الصراخ الذي يتردد كالفكرة في ذهنه، وتردد قليلاً، وهو يتساءل: "ما الذي يمكن أن يحدث لي إذا ما عبرت إلى العالم المزازي، ورأيت ما وراء الظلام؟! هل سأموت؟ أم يحدث لي شيئاً آخر؟". عاد الصراخ وكأنه يستعطفه ألا يقدم على هذه الخطوة يتردد في عقله: "إن ما قد يحدث لك، لهو أمر قد لا يستوعب من قبلك الآن، بل إنك تجهل ما قد يحدث لك في مثل هذا المكان، لا بد أن هناك حكمة تهدف لمصلحة البشر في أن يبتعدوا عن هذا العالم، لا بد أنه يحوي أموراً رهيبة أريد للبشر أن لا يطلعوا عليها، إنه لآمر مناف لكينونة الإنسان نفسه".إذا كان الإنسان جاهلاً بما حوله، فتلك نقطة قد تكون لصالحه، أكثر مما هي ضده، لأنه إذا عرف الحقيقة، إما أن تدمره كلياً، وإما الآن تدفعه إلى الجنون...هذا الكتاب يحمل قصصاً لأمور قد تحدث، وقد لا تحدث، ولكنها موجودة قدم التاريخ نفسه. قصصاً لا تحمل أسماء شخصية، ولا أماكن معروفة، ولا أزمنة محددة، لأن الرعب لا هوية له، لا زمن، ولا مكان. قصصاً تتجسد فيها الكوابيس، والتجارب المخيفة، والزيارة لعوالم غريبة، خطرة، وغامضة في نفس الوقت يدخلها الإنسان عندما ينزلق إلى تلك الحالة التي لا تفسير لها، ولا يعيشها أحد سواه. عندما يكون وحيداً، عاجزاً، وخائفاً... فتبدأ هذه الرحلة الرهيبة عبر الظلام، حيث الوحدة، والوحشة، والخوف... الخوف... الخوف ولا شيء غيره.إن أكثر الأشياء إثارة للرعب والهلع هي التي تحدث ليلاً، عندما يرتفع القمر، يهبط الظلام ثقيلاً خانقاً بارداً، فتظهر الظلال الغامضة، والأًصوات المريبة، عندها يسيطر الخوف على العقل، وتقبض الرهبة على القلب، ويصبح الإنسان في أضعف حالاته وأوهاها.هذه قصص تجري في الليل حيث الوحدة، والوحشة، والخوف... ولا شيء غيره، كل منها تحوي رؤى غامضة عما ينتظر في الظلام...فهلم أيها القارئ إلى تلك الرحلة الرهيبة عبر الصحارى والمناطق المقفرة، على سفوح الجبال والوديان الخالية، وفي السهول والغابات المظلمة... وحتى في المدن حيث الأبنية الخربة والمهجورة...هناك ستكون وحيداً لتشهد... الليل طويل... الفجر لا زال بعيداً، وقد لا تشهد بزوغه...