"أندره بريتون" أحد أهم أسماء هذا العصر، ليس فقط لكونه ترك لنا مجموعة ضخمة من الأعمال الشعرية الفريدة والفذة، والكتابات النقدية والفنية والمتقاطعة مع فهم سياسي متقدم بترك آثاره العميقة فيها، وفي الآراء التي تتخللها، بل كذلك أنه أطلق أهم حركة شعرية وفنية تطبع عصرنا، لا بل هذا القرن بأكمله، عنينا الحركة السوريالية، التي جاءت تواكب ...
قراءة الكل
"أندره بريتون" أحد أهم أسماء هذا العصر، ليس فقط لكونه ترك لنا مجموعة ضخمة من الأعمال الشعرية الفريدة والفذة، والكتابات النقدية والفنية والمتقاطعة مع فهم سياسي متقدم بترك آثاره العميقة فيها، وفي الآراء التي تتخللها، بل كذلك أنه أطلق أهم حركة شعرية وفنية تطبع عصرنا، لا بل هذا القرن بأكمله، عنينا الحركة السوريالية، التي جاءت تواكب الثورة الاجتماعية. وتعمل على تحرير العملية الفنية من المعيقات الخطيرة الحائلة دونها والإيصال المباشر لأعماق النفس وتفاعلاتها مع العلم المحيط، دون رقيب ودون ضوابط مسبقة، تحريرها من كل الاعتبارات المزعجة والمربكة التي تقزم الخلق الأدبي وتكبله بالأغلال.وقد عمد "كميل قيصر داغر" في هذا المؤلف إلى إعطاء صورة واضحة عن برويتون الشاعر، والنظري المحدد لمفاهيم السوريالية، والمبلور لاتجاهاتها الأساسية كما حاول أن يظهر الترابط العميق لدى رائد السوريالية بين الفهم الفني الذي هاجسه الأسمى التحرير المطلق للكتابة الشعرية، والرؤيا الفكرية والسياسية التي تطمح إلى تحرير الإنسان من كل الضغوطات والحرمانات وأنواع الكبت والقمع والمنع، الفردية والجماعية، بحيث لا يعود بالإمكان الفصل الآلي والمصطنع بين ظاهرات الحياة المختلفة وأفعالها وتعبيراتها.كما عمد إلى ذلك لتقريب عدد واسع من قصائد أندره بريتون، محاولاً الحفاظ قدر الإمكان على دفعتها الأساسي وقدرتها التعبيرية بالإضافة إلى مجموعة من كتاباته النثرية المباشرة، أكانت أدبية بحتة، أو يخاطبها الهاجس الفكري والسياسي، بحيث تكون الصورة أقرب إلى الإحاطة الشاملة بالشاعر منها إلى المعالجة الجزئية والمبتسرة. ورأى الباحث من الضرورة بمكان أيضاً أن ينتقل تأثير بريتون والمدرسة السوريالية عموماً في الشعر العربي الحديث.فتناول على وجه الخصوص ظاهرة مجلة "شعر" التي لعبت دوراً بالغ الأهمية في الخمسينات والستينات في تحديث الشعر. كما عالج كذلك، أعمال ثلاثة من أولئك الرواد. إنسي الحاج وأدونيس وشوقي أبي شقرا، مبرزاً علاقة أبدهم بالسوريالية، ووجد بالإضافة إلى ذلك أنه لا بد من الإحاطة بعمل شاعر عربي رابع تأثر بظاهرة "شعر" وأثر فيه على الأخص أدب بريتون بالذات وفكره، هذا الشاعر هو عبد القادر الجنابي الذي أسس عام 1973 في باريس مجلة "الرغبة الإباحية" الصادرة باللغة العربية. كل ذلك يساعد على إعطاء فكرة تقريبية على الأقل، عما يمكن أن نسميه "السوريالية العربية".