ربما تكون الطبعة الجديدة من كتاب "رزق الله عهيديك الأيام... يا راس بيروت" بمثابة إعادة تسجيل حقيقة انقرضت وواقع زال. فحلُّ شرانق الحرير في مواسم القزّ، ومقمقة ثمار المقسيس، وصناعة الدبق، والسقسقة لعصفور أم صفير، ورباعيات الصبّير التي تلفّ زقاقات رأس بيروت ومعابرها، وصولاً إلى ميناء شوران أو الملاّحة، وضهرة قبرص تجاه فندق ريفيرا،...
قراءة الكل
ربما تكون الطبعة الجديدة من كتاب "رزق الله عهيديك الأيام... يا راس بيروت" بمثابة إعادة تسجيل حقيقة انقرضت وواقع زال. فحلُّ شرانق الحرير في مواسم القزّ، ومقمقة ثمار المقسيس، وصناعة الدبق، والسقسقة لعصفور أم صفير، ورباعيات الصبّير التي تلفّ زقاقات رأس بيروت ومعابرها، وصولاً إلى ميناء شوران أو الملاّحة، وضهرة قبرص تجاه فندق ريفيرا، والمخربان حيث مسبح الجامعة الأميركية، وعين الريّسة والتي تُعرف بعين المريّسة... لوحات حلوة. كما هي حلوة نوادر أهل هيديك الأيام وذكرياتهم التي جمعت في كتابنا هذا "رزق الله عهيديك الأيام... يا راس بيروت". ناهيك عن روح الألفة والوئام والعيش المشترك التي اتسمت بها هذه المنطقة والتي هي أنموذجاً للعيش المشترك بين أبناء الوطن جميعاً. وفي هذا الكتاب يأخذنا المرحوم "كمال ربيز" مختار رأس بيروت سابقاً في رحلة مشوقة، تحمل بين ثناياها المعرفة والعِبرة، يستقيها من أفواه رجالات بيروت الكبار شأناً ومعرفة، لأنهم خير من يحدثنا عن بيروت ست الدنيا كما وصفها نزار قباني في شعره.لقد أراد مختار بيروت أن يكون هذا الكتاب من القلب إلى القلب يهديه إلى كل اللبنانيين، ليعرف أبناء الوطن من جيل المستقبل الواعد مدينتهم التي كانت وما تزال تضرب جذورها في عمق التاريخ، وخصوصاً، أن موضوعات هذا الكتاب استقيت من مصادرها الأصلية. يقول المختار: "أجريت لقاءات كثيرة مع أناس ممن تعتز بهم وتحبهم رأس بيروت واستقيتُ معلومات من مصادرها، وزوِّدتُ بأخبار عمّن سلف ممّن خلف، فإن رجالات وناس هيديك الأيام، ما زالوا أحياء يعيشون بأبنائهم رجال وأناس اليوم. غير أن الإمكانات والظروف حالت دون أن أفي الجميع حقهم".هذا الكتاب، لوحة جامعة تنهل من هيديك الأيام، أيام الزمن الجميل، ذكريات ونوادر، وحلماً أصبح حقيقة بأبنائه ورجالاته العظماء والذين هم لنا قدوة ومثلاً أعلى في الماضي والحاضر معاً.