مع التطور الذي ظهر في وسائل الاتصال، وظهور الحاسوب الذي دخل مختلف نواحي الحياة الاقتصادية منها والاجتماعية، وبعد أن أمكن ربطه بالهاتف، برز الإنترنت الذي أحدث ثورة هائلة في مجالات الحياة المختلفة، وظهر ما يسمى بالعقود الإلكترونية. تعد الدولة الحديثة دولة الإدارة، ولا تقوم الإدارة الناجحة الرشيدة إلا بخضوعها لرقابة قضائية محكمة ود...
قراءة الكل
مع التطور الذي ظهر في وسائل الاتصال، وظهور الحاسوب الذي دخل مختلف نواحي الحياة الاقتصادية منها والاجتماعية، وبعد أن أمكن ربطه بالهاتف، برز الإنترنت الذي أحدث ثورة هائلة في مجالات الحياة المختلفة، وظهر ما يسمى بالعقود الإلكترونية. تعد الدولة الحديثة دولة الإدارة، ولا تقوم الإدارة الناجحة الرشيدة إلا بخضوعها لرقابة قضائية محكمة ودقيقة على أعمال الإدارة العامة، من خلال المحاكم الإدارية على اختلاف أنواعها، بهدف الحفاظ على النظام القانوني في الدولة. ويعد العقد من أهم الاختراعات على الإطلاق، فهو الأداة الرئيسة للتبادل الاقتصادي، كما يعد أهم الوسائل الأساسية للتنظيم الاجتماعي والاقتصادي للدولة. وللعقد الإدراي مكانة مهمة ضمن الوسائل القانونية التي تلجأ إليها الإدارة في تيسير المرفق العام. ويعد العقد الإداري من الوسائل القانونية الحديثة، لما طرأ على العالم من تطور إبان الحرب العالمية الأولى، حيث استقلت الدول ونشأت الحكومات، وأصبحت الحاجة ملحة لتطوير الدولة لتلبية احتياجات الأفراد من خلال إنشاء المرافق العامة وما تتطلبه تلك المنشآت. وأثارت نظرية العقد الإداري لدى الفقه، نظراً للاجتهادات المختلفة التي أثارتها أحكام المحاكم، وخصوصاً ما يتعلق بمعيار العقد الإداري، إذ إن الإدارة قد تلجأ لإبرام العقد من اتجاهين مختلفين: الاتجاه الأول: يقوم على اعتبار أن الإدارة اتبعت أسلوب القانون العام في إبرام العقود، وتخضع في ذلك لرقابة القضاء الإداري. الاتجاه الثاني: يقوم على اعتبار أن الإدارة قد اتبعت أسلوب القانون الخاص في إبرام العقود، وتخضع في ذلك لرقابة القضاء العادي. وتكمن العلة هنا بتطبيق قواعد الاختصاص (قواعد الإسناد) واجبة التطبيق على المنازعات التي قد تحدث نتيجة الإخلال بالالتزامات المترتبة على إبرام العقود، إذ تختلف طبيعة الرقابة القضائية من دولة إلى أخرى، مما يستلزم وجود قواعد محكمة تحدد بدقة اختصاص الجهات القضائية المختلفة، بحيث يكون الأفراد على علم ودراية بها حتى يتمكنوا من مقاضاة الإدارة وتحريك الطعون ضدها. ولقد كثر اللجوء إلى أسلوب العقد كوسيلة للحصول على ما تحتاجه الدولة من لوازم ومواد، وذلك لتنفيذ السياسة العامة للدولة في مختلف المجالات. ولقد كانت الإدارة تنظم احتياجاتها عن طريق القرارات الإدارية إلا أنها أصبحت حالياً تبحث عن وسيلة للتعاقد بدلاً من الإجراء الفوري، بحيث يصبح التعاقد ذا قيمة قانونية ليصبح في النهاية جزءاً أساسياً من التنظيم الاقتصادي والاجتماعي حفاظاً على المراكز القانونية لكل الأطراف. ونتيجة للثورة الهائلة في مجال الاتصال والمعلومات، فلقد فتحت أمام الإنسانية آفاقاً لا يستطيع التنبؤ بها، مما أدى إلى اتساع بين العقود التقليدية من ناحية والعقود الإلكترونية من ناحية أخرى، مما يدعو إلى التساؤل عن مدى صلاحية القواعد والإجراءات القانونية للعقود الإلكترونية وملاءمتها للتغيرات الفورية والسريعة في عصر اتسم بالتطور التكنولوجي، مما جعل العالم يبدو قرية صغيرة. ومن أهم ما يميز النشاط عبر شبكة الاتصالات الدولية (الإنترنت)، هو الطابع الدولي أو العالمي للنشاط الذي يقوم به كافة المشتركين. وللأسباب المتقدمة وقع اختيارنا على موضوع مشروعية العقود الإدارية بواسطة الإنترنت (العقود الإدارية الإلكترونية)، وهي مجال لدراستنا التي تستهدف إبرام العقود الإدارية بواسطة الإنترنت.