اخترت أن يتناول بحثي الجانب النظري للعولمة، لأبحث فيه عن الجذور، وأستقر على المفاهيم، وأتفحص كافة القضايا الأخرى التي كانت بحاجة ملحة إلى التأصيل، مع ضرب الأمثلة كلما أمكن ذلك، وقد رأيت أن أقسم البحث كله إلى بابين: يتناول الباب الأول العولمة كظاهرة حضارية، ويضم ثلاثة فصول هي: الفصل الأول: جذور المفهوم، الفصل الثاني: العولمة خطاب...
قراءة الكل
اخترت أن يتناول بحثي الجانب النظري للعولمة، لأبحث فيه عن الجذور، وأستقر على المفاهيم، وأتفحص كافة القضايا الأخرى التي كانت بحاجة ملحة إلى التأصيل، مع ضرب الأمثلة كلما أمكن ذلك، وقد رأيت أن أقسم البحث كله إلى بابين: يتناول الباب الأول العولمة كظاهرة حضارية، ويضم ثلاثة فصول هي: الفصل الأول: جذور المفهوم، الفصل الثاني: العولمة خطاباً، الفصل الثالث: العروبة والعولمة والقضية الفلسطينية. حاولت في هذا الباب أن أؤصل لظاهرة العولمة من مختلف الجوانب، وأن أتتبع المشهد السياسي عبر قراءات راصدة جادة تضمن ثراء المادة، واستيعاب المفهوم لكافة التطبيقات.في هذا الباب اعتمدت على المنهج السوسيوثقافي، وقد اجتهدت لاستقصاء التعريف الأكثر قبولاً لمفهوم العولمة مع ربط ذلك إجرائياً ببعض التبديات السياسية لقضايا فكرية تم طرحها مؤخراً مع توضيح الأثر الذي تركته فكرة "نهاية التاريخ" لدى فوكوياما، وتبديات مقولة "صراع الحضارات" لهنتنغتون، ثم تجليات المشروع الأمبراطوري الأمريكي الذي يطرح مفهوم الشرق أوسط الجديد، مع بحث مقولات اليمين المتصهين حول الإسلام والعروبة.كما بذلت جهداً للإحاطة بمفهوم الهوية وسط زخم قوي يرى أن العولمة ستقضي لا محالة على المرتكزات الوطنية لمختلف دول العالم، فرحت أسعى إلى تحديد واضح للهوية العربة: ماهيتها، مكوناتها، جذورها، تشابكاتها، محاولاً ربط الهوية العربية بإشكاليات العولمة التي لم تتحدد بعد بشكل كامل وواضح وبين.ثم تطرقت إلى شيء من أبعاد القضية السياسية لربط التاريخي بالمعاصر والراهن، لتفهم القضية بربطها بجذرها التاريخي بكل دلالاته الثرية، حيث كانت القضية الفلسطينية وطوال الخمسين سنة الأخيرة هي القضية المركزية للعرب جميعاً إن لم تكن للعالم بأكلمه، ولقد أسفرت المؤامرات الخفية بين بعض الدول الكبرى، التي كانت مدعمومة دعماً واضحاً من الأمبريالية العالمية عن إقامة الدولة العبرية على مرأى ومسمع من المجتمع العالمي. صحيح أن سبع دول عربية دخلت في صراع عسكري مع الدولة الناشئة المدعومة من كل القوى العظمى التي حاولت تصدير مشكلة اليهود إلى منطقة الشرق الأوسط، غير أن الترتيبات التي اتخذت قبلاً كانت تضمن تفوق الصخاينة، واستمرت حالة الصراع التي اتخذت أشكالاً مختلفة بعضها سياسي، وبعضها الآخر عسكري، حتى جاءت التحولات الدراماتيكية في العالم، واختفى المعسكر الشرقي كقوة مؤثرة، فبدأت عملية المفاوضات، التي عايش محمود درويش شطراً منها، وكان له موقف محدداً منها وضحته في بحثي هذا
