إذا كان صحيحاً أن الاختصاص القضائي الدولي يحدد النطاق الدولي للمحاكم الوطنية، بدون أن يصل الى حد تحديد اختصاص محاكم الدول الأخرى، فإن أهمية القوانين الأجنبية تعود فتبرز على مستوى آخر هو آثار الأحكام الأجنبية، إذ أن أي حكم وطني يخضع الى "مراقبة" القاضي المطلوب تنفيذ الحكم الأجنبي في دولته. إن قواعد الاختصاص المكاني في الحقل الدول...
قراءة الكل
إذا كان صحيحاً أن الاختصاص القضائي الدولي يحدد النطاق الدولي للمحاكم الوطنية، بدون أن يصل الى حد تحديد اختصاص محاكم الدول الأخرى، فإن أهمية القوانين الأجنبية تعود فتبرز على مستوى آخر هو آثار الأحكام الأجنبية، إذ أن أي حكم وطني يخضع الى "مراقبة" القاضي المطلوب تنفيذ الحكم الأجنبي في دولته. إن قواعد الاختصاص المكاني في الحقل الدولي ليست مختلفة عن قواعد الاختصاص المكاني في الحقل الداخلي، ولكن حماية بعض المصالح حتّمت قواعد اختصاص قضائي إلزامية، بل حصرية في بعض المواضيع. هذه القواعد تشكل مانعاً يحول دون "استقبال" أي حكم أجنبي صدر بصورة مخالفة لهذه القواعد. هذا ما سار عليه الاجتهاد اللبناني مثلا، عندما وصف اختصاص المحاكم الطائفية بالاختصاص الإلزامي بل الحصري، مستبعداً في ذلك جواز اجتماع أي اختصاص آخر الى جانبه، وكأنه في ذلك أراد إعطاء الاختصاصين التشريعي والقضائي في المواضيع الطائفية، الحد الأقصى من الحماية، في الحقل الدولي، وهذا ما يجعل النظام القانوني الطائفي في لبنان غير متفق مع معطيات القانون الدولي الخاص الحديثة القائمة على اجتماع القواعد القانونية الوطنية العائدة لمختلف الدول وليس على تباعدها. غير أن المشترع اللبناني أفرد هامشاً كبيراً لصحة الزيجات المدنية المعقودة في الخارج، ما "لطّف" قساوة القواعد القانونية الطائفية الى حد بعيد.