بلغة أنيقة وغنائية أثيرة، يذهب غسان مطر في مجموعته الجديدة إلى التجول منفرداً عند التخوم النائية لاختبار العالم واحتمال كينونته شعرياً· اقتضاب لافت في ثيمات القصائد، تعكسه عناوين المفردة الواحدة: ذاكرة غياب، رحيل، حلم، قيامة·· ثيمات هي تفريد متأن يضيء حيوزاً صامتة ومعتمة في جغرافيا المعطى الإنساني·قصيدة غسان مطر تنطلق في هذا الد...
قراءة الكل
بلغة أنيقة وغنائية أثيرة، يذهب غسان مطر في مجموعته الجديدة إلى التجول منفرداً عند التخوم النائية لاختبار العالم واحتمال كينونته شعرياً· اقتضاب لافت في ثيمات القصائد، تعكسه عناوين المفردة الواحدة: ذاكرة غياب، رحيل، حلم، قيامة·· ثيمات هي تفريد متأن يضيء حيوزاً صامتة ومعتمة في جغرافيا المعطى الإنساني·قصيدة غسان مطر تنطلق في هذا الديوان من توترها الداخلي مصفاة من كل انشغال خارج عن حتميتها الخاصة بها، وذلك في استعارات تقول أكثر من شيء في جملة واحدة، أو لنقل أنها تترك اللغة تتكلم بنفسها وقد تحوّلت ذات الشاعر إلى وسيط غير مرئي في النص·بين قصائد هذه المجموعة خيط هادٍ من الوجدانية المثقفة: وجدانية لأن العاطفة هي العصب الميتافيزيقي الذي تصدر عنه تجربة الشاعر، ومثقفة لأن لغة غسان مطر مصقولة، ناصعة، ومضبوطة في سياق محكوم بتريّث التجربة ونضوجها، ثمة دفء إيقاعي يولد التماثل بين موسيقى القصيدة وعالمها، فلا نقع على استطرادات غنائية – وهو أمر تغوي به قصيدة التفعيلة – تهدر جماليات النص وتقطع خطوط التوتر العالي عند القارئ في تلقي القصيدة أما على المستوى التصويري فنجد تحاوراً بين فضائين: أولهما تقليدي تنهض فضيلته على تشبيهات حسوية مألوفة، وثانيهما خاطف، صوره تبدو وكأنها تصدر عن مناظرة مضمرة مع لوحات غائبة تترك للصورة حضوراً شبحياً لا تعطي منحنياته معناى واضحاً بقدر ما تفصح عن تموّجات لونية تستدعي ذلك التواتر اللدني اللذيذ بين المخيَّلة والحبر:· أو حتى في قوله: