لكل خطاب إبداعي قناة للتعبير. فالأدب بأجناسه المختلفة (شعر، رواية، قصة) يعتمد على قناة اللغة في إيصال خطابه إلى المتلقي، والموسيقى تتخذ من الآلات ـ عل تباين أشكالها وأحجامها ـ أدارة لتكوين أصواتها ونغماتها وإيقاعاتها. أما التمثيل (في المسرح، والسينما، والتلفزيون) فإن قناته الرئيسة هي جسد الممثل بما يمتلكه من قدرة على الحركة، وال...
قراءة الكل
لكل خطاب إبداعي قناة للتعبير. فالأدب بأجناسه المختلفة (شعر، رواية، قصة) يعتمد على قناة اللغة في إيصال خطابه إلى المتلقي، والموسيقى تتخذ من الآلات ـ عل تباين أشكالها وأحجامها ـ أدارة لتكوين أصواتها ونغماتها وإيقاعاتها. أما التمثيل (في المسرح، والسينما، والتلفزيون) فإن قناته الرئيسة هي جسد الممثل بما يمتلكه من قدرة على الحركة، والإيماء والنطق، وتعد هذه القناة الوسيلة الوحيدة فين وسائل التعبير الإبداعي التي تتصف بكونها حيوية، ونابضة، وقابلة للتغيير، والنمو، والتكيّف، والاستجابة للأفعال المحيطة بها، وهي، عل عكس اللغة، غير خاضعة لنسق إشاري مغلق، أو بنية سياقية (علاقات أفقية أو تجاورية)، بل إن نسقها مفتوح، تبادلي، استعاري.إن قناة الجسد هي المسرح تتشكل إرادياً، وبشكل غير أرادي أحياناً، وهي في كل الأ؛وال تتمظهر، أو تتجسد في نظام شفري شديد الإيحاء، سريع التأثير في المتلقي، وله حضور مكثف في فضاء العرض المسرحي، ومن هنا فإن اصطلاح (شفرات الجسد)، واتخاذه عنواناً للكتاب، يصبان في هذا المعنى، فمثلما يقال (شفرات النص)، أو (شفرات اللوحة)، يمكن أن يقال، أيضاً، شفرات الجسد، حيث أنه المصدر الذي يتحكم بتوجيه العلامات، أو إطلاقها من خلال مجموعة العلاقات التي تنشأ في فضاء المسرح، وبلورة استراتيجيتها الدلالية.