يحرص الكتاب على الجمع بين الأصالة والمعاصرة في الدرس البلاغي، إذ يتكفل الفصل الأول بعرض أبرز القضايا في التراث البلاغي وفق الترتيب الزمني للمؤلفين، ويقف على أبرز الرؤى في مفهومي الفصاحة والبلاغة. ويعرض الفصل الثاني لعلم البيان الذي يتناول الأساليب المختلفة في التعبير عن فكرة ما، والغرض منه عرض الطرق التي يستطيع الكاتب بوساطتها ...
قراءة الكل
يحرص الكتاب على الجمع بين الأصالة والمعاصرة في الدرس البلاغي، إذ يتكفل الفصل الأول بعرض أبرز القضايا في التراث البلاغي وفق الترتيب الزمني للمؤلفين، ويقف على أبرز الرؤى في مفهومي الفصاحة والبلاغة. ويعرض الفصل الثاني لعلم البيان الذي يتناول الأساليب المختلفة في التعبير عن فكرة ما، والغرض منه عرض الطرق التي يستطيع الكاتب بوساطتها التعبير عن فكرة ونقلها إلى المخاطب. ويشكل التشبيه مساحة واسعة في التعبير البياني، ويتوزع على أنواع، منها التشبيه المفرد و التشبيه التمثيلي والتشبيه الضمني و التشبيه الدائري وهو مجيء طرفي التشبيه بنمط تركيبي يتقدم فيه المشبه به ويكون منفياً وغالباً ما يكون حرف النفي ما. والاستعارة ثمرة الإدراك الإنساني للوجود، وهي رسالة تعجز عن إيصالها اللغة المعيارية، لأنها لغة خاصة، وبوساطة الاستعارة تزول الحواجز بين المجرد والمادي، والجماد والحي، ويصبح البعيد قريبا، والمستحيل ممكنا، والجماد ناطقا، والساكن متحركا. والاستعارة في التراث البلاغي أنواع، التصريحية والمكنية والتمثيلية.والاستعارةفي الدرس البلاغي المعاصر خمسة أنواع، أولها التماثلية وهي الاستعارة التي يكون طرفاها حسيين، وثانيها التجسيدية وهي الاستعارة التي يتحول فيها الطرف المجرد إلى جسد مادي محسوس، وفي هذا النوع من الاستعارة يتحرر الشاعر من قيود المادة، ويلغي ثنائية المادي والمجرد، وثالثها الاستعارة التشخيصية وهي التي يتحول فيها طرف حسي جامد إلى طرف حسي حي، ورابعها الاستعارة التجسيمية التي يتحول فيها المجرد إلى كائن حي في الحركة والسلوك، وخامسها الاستعارة العنقودية التي يعمد الشاعر فيها إلى خلق بناء استعاري مركب، تتوالى فيه الاستعارات في المساحة السياقية للخطاب، مما يؤدي إلى اتساع رقعة اللغة المجازية التي تغني خيال المتلقي. ويقف الفصل على الفرق بين المجاز اللغوي والمجاز العقلي، ويبين مفهوم المجاز المرسل، ويعدد علاقاته ويبين الطريقة التي يتوصل بها الدارس لمعرفة نوع العلاقة في المجاز المرسل، ويرصد الجوانب البلاغية للمجاز المرسل، ويربط الفصل بين المعنى اللغوي والمعنى الاصطلاحي للكناية، ويسهب في الحديث عن أنواع الكناية الثلاثة، وهي الكناية عن صفة، والكناية عن موصوف، والكناية عن نسبة، ويتأمل الفرق بين الكناية والتعريض. ويعالج الفصل الصورة الفنية من جوانب عدة. ويختص الفصل الثالث بعلم المعاني فيستهل بالتفريق بين الخبر والإنشاء، فإذا كان الكلام يحتمل الصدق والكذب فهو خبر، وإذا كان لا يحتمل الصدق والكذب فهو إنشاء. ويسهب في بيان الأغراض التي يؤديها الخبر، ويقسمها إلى أغراض أصلية وفرعية، فإذا كان المخاطب خالي الذهن من مضمون الخبر الذي ألقي إليه، يسمى الغرض (فائدة الخبر)، وسمي بذلك لأنه أضاف فائدة جديدة للمخاطب لم يكن يعرفها من قبل، وإذا كان المخاطب (المتلقي أو السامع) يعلم مضمون الخبر فإن الغرض من الخبر هو إعلام المخاطب أنك تعلم بمضمون الخبر، ويسمى هذا النوع (لازم الفائدة). ويُلقى الخبر لأغراض فرعية بلاغية كثيرة. والأساليب الإنشائية نوعان: طلبية وغير طلبية، فالإنشاء الطلبي هو ما يستدعي مطلوبا غير حاصل وقت الطلب، ويكون بالأمر، والنهْي، والاستفهام، والتمني، والنِّداء، ويخرج كل نوع من هذه الأنواع عن معناه الأصلي ليؤدي غرضا بلاغيا. والإنشاء غير الطلبي هو ما لا يَسْتَدْعي مطلوباً، وله صيَغ كَثيرة منها: التَّعَجُّب، والمدح، والذم، والقَسَمُ، وأفعالُ الرجاء، وصِيَغُ العُقُودِ. ويعرض الفصل للعلاقة بين علم المعاني وعلم النحو، إذ لا انفصام بينهما، فهما يدرسان موضوعات مشتركة، كالتقديم والتأخير والحذف وغيرهما، ولكن وظيفة النحوي تنحصر في الجوانب الإعرابية، أما وظيفة البلاغي فتتجاوز الجانب الإعرابي إلى جوانب دلالية مرتبطة بمسائل نحوية. ومن المسائل المشتركة بين النحوي والبلاغي المسند والمسند إليه، فالنحوي يكتفي بتحديد أنواع المسند والمسند إليه، أما البلاغي فيهتم بما يطرأ عليهما من تقديم وتأخير وحذف وذكر وغيرها من التغيرات النحوية التركيبية، فالشاعرية لا تقتضي اختيار الألفاظ فحسب، بل تتطلب كيفية ترتيب الألفاظ، لخلق نسيج نحوي قادر على كشف الأبعاد الفكرية والوجدانية للمبدع من جهة، وإيصال الرسالة بأكبر طاقة تأثيرية للمتلقي من جهة ثانية. وكذلك التقديم والتأخير، فالنحوي يدرس التقديم والتأخير وفق معايير النظام اللغوي وضوابطه، فيحدد المواضع التي يجوز فيها أو التي لا يجوز فيها تقديم الخبر على المبتدأ، أو تقديم المفعول به على الفاعل – على سبيل المثال -، أما البلاغي فلا يكتفي بهذا التحديد، بل يتأمل دلالة التقديم والتأخير بأشكاله كافة، فيربط أي تقديم وتأخير بمقتضيات السياق الدلالي، وبالحالة النفسية أو الوجدانية للمتكلم، ويعتمد في هذا الربط على أن كل تغير في ترتيب عناصر التركيب يقتضي دلالة جديدة. والأصل في المحذوفات على اختلاف ضروبها أن يكون في الكلام مايدل على المحذوف، فإن لم يكن هناك دليل على المحذوف فإنه لغو، وتعرض الفصل لحذف المبتدأ و الخبر والفعل والفاعل والمفعول به والصفة. ويمثل موضوع القصر مساحة مشتركة بين النحو والبلاغة، فالقصر يقوم على أدوات وأساليب نحوية ،وتعتمد طرق القصر على أساليب نحوية وهي (النفي والاستثناء والتقديم والتأخير )، ولا يكتفي البلاغي بالمعرفة النحوية، بل يتجاوزها للوقوف على الأغراض البلاغية للقصر. وكذلك موضوع الوصل والفصل الذي يعتمد على حروف العطف وبخاصة حرف الواو، فالنحوي يهتم بالوظيفة النحوية للواو من حيث العطف أو الاستئناف أو غيرهما من الوظائف، أما البلاغي فيسعى إلى معرفة المواضع التي تُستخدم فيها الواو، والمواضع التي لا يجوز أن تستخدم فيها. وينتهي الفصل بالحديث عن الإيجاز بنوعيه، إيجاز الحذف وإيجاز القصر، والإطناب وأشكاله التي ترتبط بدلالات بلاغية، ويقف وقفة قصيرة على قضية المساواة. ويعالج الفصل الرابع علم البديع، فليس المهم أن تعبر عن المعنى، ولكن المهم كيف تعبر عن المعنى، فالكيفية أو الطريقة تحول المعنى من مألوف إلى مثير، ومن معنى مطروق إلى معنى مبتكر، وهو أمر يتكفل به علم البديع الذي يزيد الكلام حسنا وطلاوة، ويكسوه بهاءً ورونقاً بعد مطابقته لمقتضى الحال مع وضوح دلالته على المراد لفظا ومعنى. كما أن قسما من أنواع البديع يضفي على الكلام إيقاعا موسيقيا تعشقه الأذن، وتميل إليه سجايا النفس كالجناس الذي تتوافر فيه الموسيقى اللفظية التي تنسجم مع المعنى، ولا يخفى أن المعنى الذي يأتي في قالب موسيقي أكثر تأثيرا وإثارة من المعنى المجرد من الموسيقى، ولا يقتصر الأمر على الجناس في الأثر الإيقاعي المنسجم مع الدلالة، إذ إن ألوانا بديعية أخرى تؤدي وظيفة إيقاعية ودلالية كالسجع الذي يربط السياق الدلالي للجمل برابط إيقاعي، والترصيع الذي يوفر تنوعا إيقاعيا موزعا على مقتضيات السياق الدلالي، ورد العجز على الصدر الذي يربط شطري البيت الشعري برابط إيقاعي يخدم المعنى، ولزوم ما لا يلزم الذي يضاعف من المساحة الإيقاعية للقافية، ويكشف عن مهارة الشاعر في اختيار ألفاظ القوافي. ويتكفل نوع آخر من البديع بإثارة المتلقي ومضاعفة انتباهه نحو المعنى، كالطباق الذي يجسد الثنائيات الدلالية التي تجعل التلقي موزعا بين معنيين متضادين يضاعفان من يقظة المتلقي نحو المعنى. والمقابلة التي تكثف التضاد الدلالي، فكلما اتسعت الثنائيات الدلالية زادت الكثافة الدلالية. والالتفات الذي يعد منبها أسلوبيا لانتقال المعنى من صيغة إلى صيغة أو من زمن إلى آخر، وهو انتقال مرتبط بمقتضيات دلالية تحفز المتلقي إلى الكشف عن أسرار الالتفات، والتورية التي توفر عنصر المفاجأة في المعنى حينما يكتشف المتلقي أن المعنى المقصود خلاف ما يظنه. وحسن التعليل الذي يقدم تفسيرا خارجا عن المألوف لفكرة أو حدث ما، والخروج عن المألوف من الأمور التي تميل إليها النفس الإنسانية. ومراعاة النظير التي تكتسب بها عناصر المعنى خاصية التناسب بين الألفاظ، والتناسب من الأمور التي تضفي على المعنى رونقا وقبولا لدى المتلقي، والتقسيم الذي يعرض المعنى وفق تقسيمات وتوزيعات تجذب القارئ. وأسلوب الحكيم الذي يجسد ذكاء المتكلم حينما يجيب عن سؤال لم يُسأل عنه. ويختص الفصل الخامس بالأسلوبية من خلال ثلاثة مباحث، الأول: يعرض لحزمة من المسائل النظرية، وهي علاقة الأسلوبية بالبلاغة، وجذور الأسلوبية في التراث البلاغي، وأنواع الأساليب، والأسلوبية الإحصائية، والمبادئ العامة للأسلوبية. والثاني: يوضح المحور الأفقي والمحور العمودي من خلال النماذج التطبيقية. والثالث يعرض لمستويات التحليل الأسلوبي.