الألعاب الرياضية ظاهرة حضارية وثقافية قديمة العهد، فلقد مارس الإنسان الأول منذ نشأة الجنس البشري ألعاب القوى واستخدمها في كرّه وفرّه وتسلقه واجتيازه للموانع والسواقي فجرى ووثب ورمى الحجارة والرماح دفاعاً عن النفس وتأقلماً مع العيش مع الطبيعة، ولقد استخدم المصريون القدماء ألعاب القوى للإعداد البدني كما مارسها الإغريق بشكل بدائي م...
قراءة الكل
الألعاب الرياضية ظاهرة حضارية وثقافية قديمة العهد، فلقد مارس الإنسان الأول منذ نشأة الجنس البشري ألعاب القوى واستخدمها في كرّه وفرّه وتسلقه واجتيازه للموانع والسواقي فجرى ووثب ورمى الحجارة والرماح دفاعاً عن النفس وتأقلماً مع العيش مع الطبيعة، ولقد استخدم المصريون القدماء ألعاب القوى للإعداد البدني كما مارسها الإغريق بشكل بدائي منذ عام 1500 ق.م. كانت الرياضة منذ القدم ولا تزال تتخطى حدود الجغرافيا، وتعبث بالفواصل التاريخية، وتجتاز حدود الدول، فهي ظاهرة السلام والمحبة من ناحية ومبددة شوائب العدوانية وروح التحدي التي تظهر من حين إلى آخر عند بعض الناس، هذه الظاهرة الاجتماعية العامرة بالحياة والنشاط لا تتأثر بالأحداث الزمنية أو الحروب، بل إنها تتمشى مع حضارة الإنسان وثقافاته، وهي ملازمة لديمومته، فكما عمت مناهجها بلاد الإغريق كذلك استعانت فيها الإمبراطورية الرومانية العظيمة في تدريب الجيوش والقادة إلى كل بلدان العالم قاطبة. ومع تكريم الرياضة والرياضيين عند الإغريق انبرى مشعل الحضارة العريقة وانبرى معها المشعل الأولمبي حوالي 844ق.م، لتبدأ الدورات رسمياً عام 776ق.م، وتوجت رؤوس الأبطال الرياضيين بتيجان الغار وأغصان الزيتون، وفي عام 393م ألغى الإمبراطور الروماني تيودوسيوس، الألعاب الأولمبية واعتبرها مهرجان وثني يخالف الدين المسيحي الذي أصبح دين الإمبراطورية الرومانية، مما أدى إلى ركود واضمحلال الأخلاقية الرياضية التي تنشرها الرياضة في المجتمعات، فكان عصر الركود (العصور الوسطى)، ولكنها عادت وانطلقت مع انطلاقة النهضة الأوروبية لتتصدر أحداث المجتمعات، وما الألعاب الرياضية التي نمارسها اليوم أو نتمتع بمشاهدتها سوى نتاج هذه الحضارات الإنسانية التي لا تزال على طريق النمو والازدهار. ذكر ابن القيّم الجوزية مسمى (الرياضة) صراحة في تعريفه لها بأنها (تدبير الحركة والسكون)، وقد سبق العرب المسلمون غيرهم في إطلاق مسمى (الرياضة) وتعريفها تعريفاً (علمياً) يدركه ويعيه المجتمع، ومن خلاله يقيم العلاقة الصحيحة مع (الرياضة) لعباً وممارسة وثقافة، وقد أضاف السيوطي على تعريف ابن القيّم بأن عرفها على أنها (تدبير السكون والحركة.. البدنيين) وأنها (الحركة التي تُعِّود البدن الخفة والنشاط)، وذكر الإمام الشافعي اسم (الرياضة) صراحة كتعبير عن رياضة البدن التي تنعش الحرارة وتنشط البدن. وأورد مسكويه تعريف أهل اللغة لـ(الرياضة) على أنها (استبدال الحال المذمومة بالحال المحمودة)، وذكر المشي والركوب والحركة والرياضة.. في تأكيد على أن (الرياضة) تختلف عن ألعاب الفطرة كالمشي والحمل والرمي والقفز..الخ، أما ابن النفيس فقد قال بمصطلح (الرياضة) وحدد ألوان نشاطها البدني كألعاب حيث ذكر منها ركوب الخيل واللعب بالكرة، ولعل ابن سينا الأكثر دقة في تحديد تعريف علمي للرياضة عندما قال: (الرياضة هي حركة إرادية تفطر إلى التنفس العظيم المتواتر والموافق لاستعمالها على درجة اعتدالها)، وهو بهذا التعريف يعطي تعريفاً أكثر نضوجاً من الذين سبقوه، وهو الأقرب إلى التعريف العلمي الحديث. وللألعاب الرياضية تأثيراً عميقاً على الفرد والمجتمع لما تكسبه ممارستها من حيوية الجسم ويقظة في العقل وصحة في النفس. وفي هذا الكتاب حاولنا أن نجمع ما تيسر لنا من المصطلحات والمفاهيم الرياضية، مع تفصيل لبعض جوانبها، آملين أن يكون هذا المعجم رافداً للمكتبة العربية، وأن يكون مرجعاً هاماً للقارئ والمتتبع والباحث في مجال الرياضة عموماً.