الحافظ إبن عبد البر هو جمال الدين يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر بن عاصم النمري القرطبي، أبو عمر ونمري نسبة إلى قبيلة مشهورة. كانت ولادته في العام 368 هـ في مدينة قرطبة. نشأ الحافظ إبن عبد البر في بيت علم ودين وصلاح حيث عرف والده عبد الله بن محمد بالعلم الغزير والعبادة والزهد، وكان معرفاً في جملة الفقهاء المعروفين بقرطبة. ...
قراءة الكل
الحافظ إبن عبد البر هو جمال الدين يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر بن عاصم النمري القرطبي، أبو عمر ونمري نسبة إلى قبيلة مشهورة. كانت ولادته في العام 368 هـ في مدينة قرطبة. نشأ الحافظ إبن عبد البر في بيت علم ودين وصلاح حيث عرف والده عبد الله بن محمد بالعلم الغزير والعبادة والزهد، وكان معرفاً في جملة الفقهاء المعروفين بقرطبة. وقد حظي الحافظ إبن عبد البر برعاية والده من الناحية العلمية وعنايته به، إلا أنه أدركته المنية ولم يكن إبن عبد البر قد بلغ من العمر سوى إثنتي عشر سنة. وواصل إبن عبد البر تعلميه بنفسه حتى بلغ في العلم شأناً كبيراً كما أفاد الحافظ من العلماء الذين قدموا قرطبة وزاروها ونهل من علومهم وأخذ عنهم. كان لنشأة إبن عبد البر في قرطبة أثر كبير في تنوع علومه وبنبوغه، حيث حوت قرطبة في زمنه جلّة من العلماء في مختلف الفنون والمعارف، كما كان لتنقله في أنحاء بلاد الأندلس أثر في ذلك، وقد نبغ في علوم متنوعة وعرف بها ومن أبرزها الفقه والحديث والقراءات ومعرفة الخلاف والأنساب والتاريخ، كما كان له حظ وافر من علوم اللغة والأدب والشعر. كان الحافظ ظاهرياً في أول زمانه ثم أصبح مالكياً مع ميل كبير إلى الفقه الشافعي. هذا وقد كان إبن عبد البر من المكثرين من الرواية والسماع، التتلمذ على الشيوخ في فنون معارف متنوعة، وإشتغل بالتأليف والتصنيف في وقت مبكر من عمره، وكتب الكثير من المصنفات في شتى أنواع العلوم والفنون حتى باغت مؤلفاته قرابة اربعين مؤلفاً، فكان حرياً أن يعنى به طلبة علم الشريعة، ويتتلمذوا على مصنافته، وينهلوا من إنتاجه العلمي، وأن يكون محط رحل الباحثين في دراساتهم وبحوثهم، لما في علومه من نفع عميم وفائدة جليلة، ولما إشتملت عليه من تحقيقات وترجيحات. لذا إختار الباحث بعض مؤلفاته الفقهية في الأحوال الشخصية والجنايات والحدود والأقضية جمع دراسة ومقارنة لتكون موضوع رسالته لنيل درجة الدكتوراه. وأما المؤلفات التي وقع إختيار الباحث عليها في إستخراج إختيارات الحافظ إبن عبد البر فهي تلك الكتب التي حوت بحوثه الفقهية وهي: 1-التمهيد. 2-الإستذكار. 3-الكافي في فقه أهل المدينة. كما جعل القاعدة في إستخراجه الإختيارات، أن يصرح الحافظ إبن عبد البر بالإختيار باللفظ الواضح الصريح. وتتبع تلك الإختيارات في الكتب المشار إليها، وجمعها ورتبها على أبواب الفقه مناط البحث، وهي أربعة: 1-الأحوال الشخصية. 2-الجنايات. 3-الحدود. 4-الأقضية. جاعلاً كل باب متضمناً لفصول، ليتضمن كل فصل وما فيه من إختيارات فقهية على شكل مباحث، ليعمد من ثم على دراسة تلك الإختيارات.