منذ الحرب الروسية-اليابانية عام 1904-1905، ومروراً بالحربين العالميتين الأولى والثانية، حتى يومنا هذا، تطور حقل الحرب الإلكترونية بسرعة مذهلة؛ ففي وقت مبكر، منذ أكثر من مائة سنة خلت، تطور استخدام اللاسلكي في مجالات تنظيم العمليات البحرية الأساسية وتنسيقها، وفي شبكات القيادة والسيطرة والاتصالات والاستخبارات (C3I) البالغة التعقيد؛...
قراءة الكل
منذ الحرب الروسية-اليابانية عام 1904-1905، ومروراً بالحربين العالميتين الأولى والثانية، حتى يومنا هذا، تطور حقل الحرب الإلكترونية بسرعة مذهلة؛ ففي وقت مبكر، منذ أكثر من مائة سنة خلت، تطور استخدام اللاسلكي في مجالات تنظيم العمليات البحرية الأساسية وتنسيقها، وفي شبكات القيادة والسيطرة والاتصالات والاستخبارات (C3I) البالغة التعقيد؛ فمكّن هذا القادة الميدانيين من تنسيق الاشتباكات العسكرية الهائلة المتعددة الوجوه من مركز واحد للقيادة.وخلافاً للخنادق التي شاعت في بداية القرن العشرين، فإن من الصعب غالباً تحديد معالم الخطوط الأمامية للحروب الحديثة، ما لم ينظر إليها من خلال موشور Prism الأجهزة الإلكترونية التي تراقب القوات، أو تحدد الأهداف، أو توجه الصواريخ البعيدة المدى، أو تنسق الضربات الجوية. واليوم أضحى العنصر الإلكتروني في الحروب أمراً حيوياً لمفهوم الحرب إجمالاً، حتى إن نسبة كبرى من النشاطات المعادية تتم في "مسرح المعركة" غير المرئي الذي يعد حاسماً، برغم كونه منفصلاً عن مسرح العمليات الطبيعي. وفي هذا المجال الآخر يتم شن حروب متوازية، تنشأ عنها صراعات خفية للسيطرة على الطيف الكهرومغناطيسي واستغلاله.يوضح كتاب "التقنية في الحروب" تطور هذا الميدان الآخذ في النمو، وفي اتجاهات غير متوقعة غالباً؛ حيث تشهد أجهزة الحرب الإلكترونية تقدماً مستمراً لمواكبة آخر التهديدات والتحديات في دورة تبدو لا نهاية لها من الإجراءات المضادة والإجراءات المضادة للإجراءات المضادة. ويتناول هذا الكتاب بالتحليل التأثير الكبير للحرب الإلكترونية في نتائج الصراعات الحديثة، منذ النجاحات التي حققها «تشرتشل» في "الحرب السحرية"، حتى الهزيمة الساحقة لقوات صدام حسين في حرب الخليج عام 1990-1991. كما يتناول المساعي المبذولة لتقديم المشورة الحكيمة حول التطوير المستقبلي لمجال يمثل واحداً من أهم أوجه الحرب خلال القرن الماضي، وإن كان نادراً ما يوصف بذلك. وفي هذا الصدد تأتي عبارة "سيرجي جورشكوف"، الأميرال السابق لأسطول الاتحاد السوفيتي، حين قال ذات مرة: "سيكون الفوز في الحرب القادمة من نصيب من يفلح في استغلال الطيف الكهرومغناطيسي"، وهي عبارة أكثر انطباقاً على الوقت الحاضر.