لم تتمكن عيناي من الإبصار حين اقتادني هبوطاً من درجات منزلنا إلى سيارة ( الجيب ) ... أخرجني من البيت فحاصرتني النسمات الباردة مع اقتراب وقت الفجر ، لم أتمكن من الرؤية عبر قطعة القماش برغم شفافيتها نوعاً ما ... مشى بي على بعد 50 متراً حيث الجيب . أصعدني عتبة الجيب الحديدية .... دفعني بلكمة على ظهري ، انكببت على وجهي في ثلاث ظلمات...
قراءة الكل
لم تتمكن عيناي من الإبصار حين اقتادني هبوطاً من درجات منزلنا إلى سيارة ( الجيب ) ... أخرجني من البيت فحاصرتني النسمات الباردة مع اقتراب وقت الفجر ، لم أتمكن من الرؤية عبر قطعة القماش برغم شفافيتها نوعاً ما ... مشى بي على بعد 50 متراً حيث الجيب . أصعدني عتبة الجيب الحديدية .... دفعني بلكمة على ظهري ، انكببت على وجهي في ثلاث ظلمات ..... ظلمة الليل ... والعصابة ..... و أرضية الجيب الباردة . لم يكن جسدي مستحوذاً على أرضية الجيب لوحده... شعرت بكتلة جسم ضخم بجانبي ... تحركت السيارة من الزقاق المحاذي من منزلنا تاركة خلفها من أحب في لوعة وجفاء نوم لاينقضي أبدا ..... واستدارت شمالاً مع حلول وقت الأذان ، وهبطت في آذاني ترنيمة الأذان بصوت ( محمد علي ) من المسجد الوسطي . ويالسخرية القدر ، الأذان يدعونا لتأدية الصلاة والعباد تحجبنا بقيودها عن طاعة الرحمن . نأت السيارة شيئا فشيئا عن أذان محلتنا مسافرة بي إلى مجهول لاتعرف مدته ولاتقدر قسوته .... ولا تقاس مسافته ، تكلم زميلي الأسير بجانبي مخاطباً الشرطي ... عسكري يداي تؤلماني ... عبرت كلماته صيوان أذني سريعة وتلقفتها أذني تلقف المشتاق إلى السماع بعد انقطاع عن البشر ، ترجم السمع صوت المتكلم فما كان إلا جارنا ( عباس ) ... كان كلامه مع العسكري مجرد حجة يرتكبها ليرسل إشعاراً بهويته ... إستطاع العسكري إخماد مطلبه بركلة من حذائه القابع جنب رأسي الملقى على سطح أرضية الجيب ، حذاء ملمع بإتقان كعادة العسكريين في توظيب مظهرهم... لم أر ذلك الحذاء ولكني كنت أشعر ببريق الضوء ينزلق من جوانبه .