سعت هذه الدراسة الأدبية لتتبع هاجس الخلود في الشعر العربي حتى نهاية العصر الأموي، وقد انتظمت هذه الدراسة في بابين يتقدمهما تمهيد يتناول بالدراسة الموجزة مفهوم الخلود لغة واصطلاحاً ثم ينصرف إلى متابعة مفهوم الخلود في العقائد القديمة والحضارات وفي آدابها وملاحمها، ومنها حضارة وادي الرافدين وحضارة وادي النيل، والفرس، والهنود والبرا...
قراءة الكل
سعت هذه الدراسة الأدبية لتتبع هاجس الخلود في الشعر العربي حتى نهاية العصر الأموي، وقد انتظمت هذه الدراسة في بابين يتقدمهما تمهيد يتناول بالدراسة الموجزة مفهوم الخلود لغة واصطلاحاً ثم ينصرف إلى متابعة مفهوم الخلود في العقائد القديمة والحضارات وفي آدابها وملاحمها، ومنها حضارة وادي الرافدين وحضارة وادي النيل، والفرس، والهنود والبراهمة، فضلاً عن الأساطير اليونانية، وفي الموروث العربي قبل الإسلام، وسلط التمهيد الضوء على الديانات السماوية السابقة للإسلام كالإبراهيمية واليهودية والمسيحية وجوهر نظرتها إلى الخلود والحياة والموت، فضلاً عن الإسلام الذي حل مشكلة الحياة والموت عندما وضع العرب والإنسانية كلها أمام حقيقة تقرر أن الحياة الدنيا قصيرة يمهد بها الإنسان برحلة أبدية خالدة.وجاء الباب الأول لدراسة هاجس الخلود في الشعر العربي قبل الإسلام حيث تحدث الفصل الأول في الدراسة من هاجس الخلود المادي والروحي مداره حول مواجهة الإنسان العربي قبل الإسلام لمشكلة الموت، وصراعه مع ما يحيط به من أجل البقاء والخلود معتقداً أن وجوده كله محصور في العالم المحدود.أما الفصل الثاني فكان بعنوان هاجس الخلود المعنوي من خلال القيم، وتكفل هذا الفصل بدراسة المنافذ البديلة للخلود المادي والتي مارسها الجاهليون من خلال تطبيق القيم الإيجابية متخذين من الشعر سبيلاً لهذا الخلود، فكان المبحث الأول منفذاً للخلود، وقد اضطلع بدراسة الشعر الذي سجل منذ مراحله المبكرة قيم الذات المتحققة معنوياً من خلال ممارسة المآثر في سفر الخلود.وتكفل المبحث الثاني بالحديث عن الكرم والقيم المرتبطة به منفذاً للخلود متابعاً اهتمام العرب بالكرم الذي بني على فلسفة مفادها أن المال زائل وأن الحياة فانية وأن على المرء أن يجود بماله ليخلد ذكره.أما المبحث الثالث فكان بعنوان الفروسية والقيم المرتبطة بها منفذاً للخلود وتابع صور إقبال الفرسان على التضحية بالنفس من أجل حياة أفضل وبقناعتهم بأن الموت في ساحة الشرف خير من الموت الذي لا بد أن يكون فالموت قتلاً سبيل إلى خلود الذكر والأحاديث.وتحدث المبحث الرابع عن قيم أخلاقية أخرى وجد فيها العربي منافذ للخلود ومنها البحث عن المثال والخلود في تحقيق المجد المؤثل، وأصالة الشرف بالعمل والنسب وتوريث ذلك للأبناء فضلاً عن قيم الوفاء والحلم والمروءة والعفة وحماية الجار من أجل ذكر حسن خالد على مدى الدهور والأيام.وتطرق المبحث الخامس إلى القيم السلبية التي حاول العربي تجاوزها لأن الخلود المعنوي فيها خلود في سبة العار التي لا تزول.أما الفصل الثالث فقد كان بعنوان رموز الخلود في شعر ما قبل الإسلام وهي الرموز التي استحضرها الجاهلي ووظفها منفذاً يعبر فيه عن هواجسه في البقاء والخلود وتابع الفصل طبيعة اختيار هذه الرموز من عالم الإنسان والحيوان وعالم الجماد فتابع الطلل وما يرتبط به بوصفه رمزاً أصيلاً للخلود ودرس الرموز الهامشية التي أضفاها الشاعر ليحقق له الخلود كالوشم والنار والأثافي والرماد والنؤى، والنبات والحيوان.وتطرق المبحث الثاني إلى المرأة رمزاً للخلود بوصفها عنصراً لا تستقيم حياة الرجل بعيداً عنها ودرست ما كانت المرأة تحتله في حياة العربي من خلال النصوص التي عدتها رمزاً لاستمرار الحياة فهي الأم التي تضمن استمرار النسل الذي هو سر الحياة. وتطرق البحث إلى رمزية المرأة ذات الصفة المقدسة في معتقدات العرب الدينية والأسطورية.وتناول المبحث الثالث الملك رمزاً للخلود، متابعاً معتقدات العرب بشأن الملوك وخلودهم وقدسية الملوك بوصفهم آلهة كما جاء في الأساطير والأخبار فضلاً عن قدرتهم على الأحياء والأمانة وتمتعهم بصفات الخير والعطاء والخطب والانبعاث. وتحدث المبحث الرابع عن الشجر رمزاً للخلود متابعاً تقديس العرب للشجر الذي يضاهي أحياناً تقديسهم للأصنام، وذلك لأهمية النبات ي حياتهم، واعتقادهم بوجود الأرواح والحياة في الأشجار.وأما الباب الثاني فكان بعنوان هاجس الخلود في الشعر العربي في العصرين الإسلامي والأموي، وجاء هذا الباب في ثلاثة فصول: أودع أولها ما عبر به الشاعر الإسلامي والأموي عن هواجس وآمال للخلود في الدار الآخرة بعد أن كشف له الإسلام الصورة عن حياة خالدة في الجنة أو النار. وتابعت الفصل الثاني بحث الشعراء عن الخلود في الحياة الدنيا وهواجس حب الحياة والبقاء فيها وأملهم في طول العمر أو الهرب من الموت.وتكفل الفصل الثالث الحديث عن هاجس الخلود المعنوي من خلال ممارسة القيم العربية الموروثة التي وجد فيها الشاعر الإسلامي والأموي طريقاً من طرق خلود الذكر فضلاً عن القيم الجديدة التي أوجدها الإسلام والتي وجد فيها منافذ أخرى لهذا الخلود.