الإسلام والعلمنة، قراءات نقدية في الفكر المعاصر

يمثل هذا الكتاب في بنيته ومحتواه ومنهجه نموذجاً راقياً من نماذج الحوار النقدي المفتقد إلى حد كبير في ثقافتنا المعاصرة خاصة في العقود الثلاث الأخيرة. من حيث البنية يمثل الكتاب قراءات نقدية متنوعة لإنتاج فكري ثقافي يتراوح بين "الفلسفي" و"التاريخي" و"الاجتماعي" و"الديني". وهو يعتمد على قراءة نقدية لكتب صدرت حديثاً تمثل أطروحات ورؤى وأفكار جديرة بالنقاش والجدل والسجال. ورغم أن اسم الكتاب هو الإسلام والعلمنة: قراءة نقدية في الفكر المعاصر فإن تقسيم الكتاب إلى فصول لم يستطع أن يخفي بنيته الجدلية السجالية أحياناً وهي البنية التي تعكس رغبة المؤلف في الاشتباك النقدي مع أطروحات مؤلفين متنوعي الاتجاهات والمقاصد والانتماءات السياسية والفكرية.هذه البنية الاشتباكية مع أطروحات المؤلفين الأكثر تأثيراً في الفكر المعاصر لها مميزاتها كما لها عيوبها شأنها في ذلك شأن أي بنية، من مميزات هذه البنية أن مسألة "المنهج" لا تطرح بشكل تجريدي مفارق للسياق الحي لبنية الفكر في مرحلة تاريخية محددة. والمؤلف كثيراً ما ينعي على بعض الكتاب والمفكرين هذه المسألة مسألة البدء بنسق منهجي محدد المعالم يحاول المؤلف إخضاع الفكر له عنوة وقسراً.نقده لأطروحات "محمد عابد الجابري" و"علي مبروك" و"عادل ضاهر" على سبيل المثال تبرز هذا الهم المنهجي إبرازاً واضحاً في وعي المؤلف. من مميزات هذا البنية أيضاً أنها تمكن المؤلف من الإلمام بخارطة الفكر المعاصر في تعدديته وتنوعه إذ يتناول إنتاجا لكتاب ومفكرين أمثال "زكي نجيب محمود" و"عادل ضاهر" و"حسن حنفي" و"محمد عابد الجابري" و"علي مبروك" في إطار الفكر الفلسفي كما يضم مناقشات لمؤلفات تنتمي إلى مجال الدراسات السسيولوجية للثقافة كما نرى في كتابات "فرانسوا بورجا" هذا بالإضافة إلى كتابات السياسية القومية "ياسين الحافظ" والكتابات ذات النزعة الدينية باتجاهاتها المتعددة مثل "خليل عبد الكريم" وجمال البنا" و"فهمي هويدي" علاوة على الكتابات ذات النزعة النقدية العامة مثل كتابات "أحمد عبد المعطي حجازي". هذا التنوع يمنح الكتاب غني\ى يفترض فيه أن يؤدي إلى تخصيب منهجه النقدي في عملية الاشتباك تلك.