فيما كان عام 1986 يقترب من نهايته، كان لبنان لا يزال يتخبَط، مثخناً، في دوامة عنفه وتناقضاته. منذ سنوات، بلغت إحدى عشرة وتزيد، بدأت المشكلة تشكيكاً بهوية المواطن، لتستحيل إلى تشكيك بهوية الوطن. تصاعدت تهم التخوين من كل جهة، وتصادمت مشاعر الغبن بمشاعر الخوف. واحتكم الجميع للحديد تثبيتاً للذات. أو هكذا شبّه لهم. خسروا جميعاً وفاز ...
قراءة الكل
فيما كان عام 1986 يقترب من نهايته، كان لبنان لا يزال يتخبَط، مثخناً، في دوامة عنفه وتناقضاته. منذ سنوات، بلغت إحدى عشرة وتزيد، بدأت المشكلة تشكيكاً بهوية المواطن، لتستحيل إلى تشكيك بهوية الوطن. تصاعدت تهم التخوين من كل جهة، وتصادمت مشاعر الغبن بمشاعر الخوف. واحتكم الجميع للحديد تثبيتاً للذات. أو هكذا شبّه لهم. خسروا جميعاً وفاز الحديد. أصبحوا جميعاً مغبونين، وخائفين. وفي معركة غير متكافئة، كانت الغلبة للجهل على العقل. وكيف لا يكون ذلك وقد تناسوا الحكمة القائلة بأن أي شر نزعم تلافيه بالعنف لا يوازي شر العنف نفسه.الأخطاء كثيرة من داخل البلاد. ومن خارجها. وتراكمها مع الوقت يزيد في تشبُت الجميع بتزيينها وتقديمها في ثواب المنجزات. وعندما نعجز عن محو اخطائنا، نلجأ إلى تقديسها. ونرفع سقطاتنا إلى مصاف المحرمات. ونعتبر أنفسنا من المرتدّين فيما لو أقلعنا عن عبادة تجاوزاتنا.كانت فئات غير قليلة من اللبنانيين تنحدر في هذا المنزلق وكل منها تكابر بأنها الوحيدة، دون الأخريات، على حق.