ظهر إسم فلسطين أول مرة في كتابات المؤرخ اليوناني هيرودوت. وهي كمرادفتها العبرية "بليشيت" أو "أرض الرحّل" وقد عنت فلستيا فقط. ولاحقا، في العصرين اليوناني والروماني، انطبق هذا، على كامل البلاد التي احتلها الإسرائيليون القدماء على ضفتي نهر الأردن. لكن، وحسب اللغة الكنعانية، عنت أقدم الأسماء قاطبة فقط: "الأرض المنخفضة" أو البلاد الو...
قراءة الكل
ظهر إسم فلسطين أول مرة في كتابات المؤرخ اليوناني هيرودوت. وهي كمرادفتها العبرية "بليشيت" أو "أرض الرحّل" وقد عنت فلستيا فقط. ولاحقا، في العصرين اليوناني والروماني، انطبق هذا، على كامل البلاد التي احتلها الإسرائيليون القدماء على ضفتي نهر الأردن. لكن، وحسب اللغة الكنعانية، عنت أقدم الأسماء قاطبة فقط: "الأرض المنخفضة" أو البلاد الواقعة غربي نهر الأردن. لذلك فإن أغلب الناس الآن حين يفكرون بفلسطين، فإنهم يطلقون ذلك على نفس الحدود الضيقة الواقعة هناك. ونادرا ما يأتي بالحسبان ذكر شرقي فلسطين.ومع ذلك، فإن التداعيات التاريخية التي تخص البلاد الواقعة شرقي نهر الأردن تعد غنية ومتنوعة. وقد اختارت قبيلتان ونصف قبيلة من أصل اثنتي عشرة قبيلة جاءت من مصر بقيادة النبي موسى، اختارت ذلك الجزء من ضفة النهر ليكون وطنا لها. وقد مرت كل من الجيوش السورية، والآشورية، والكلدانية ومن هناك داخلة فيها وخارجة منها. كما أن بعض المحاربين المخضرمين المشتتين، ممن رافقوا الإسكندر المقدوني، استوطنوا هناك. ومن "وراء نهر الأردن" بدأ يوحنا المعمدان دعوته وأنهاها. وقضى المسيح عيسى بن مريم حوالي ستة أشهر في الدعوة إلى الدين المسيحي على ذلك الجزء من ضفة النهر. كما أن الكنيسة المسيحية ذاتها التجأت إلى هناك عندما بدأت الفيالق الرومانية تطبق على القدس. وفي زمن الأباطرة الرومان "الأنطونيين"، كانت تلك البلاد مليئة بالمدن: بمعابدها، ومدرجاتها، وحماماتها. وفي القرن الخامس الميلادي ازدهرت الكنائس المسيحية وتعددت ونظمت بشكل جيد.يقيناً، لم تكن المواقع الإنجيلية المسيحية عديدة هناك، مقارنة مع الأماكن والمواقع العديدة الوافرة الواقعة على الضفة الغربية من نهر الأردن. إلا أنها كانت ذات أهمية مميزة وفريدة. كانت المدن الخمس الواقعة على ذلك السهل تشكل شرقي الأردن: "بنيول"، و "مهانيم"، و"سكوت" وهي أسماء مثيرة للذكريات. و"نيبو" و "بسكاح"، وهما كلمات مألوفة. و "بثابرا"، حيثما ورد إسمها فقد كانت تقع ما وراء نهر الأردن، وشهدت نزول الروح القدس على المسيح عيسى بن مريم. وفي مكان ما، وراء تلك البرية، حدث ما دعاه الشاعر ميلتون بـ"النزال العظيم، بدون سلاح".إن هذا الجزء برمته من البلاد، مع أنه يعد أسميا جزءا من الأمبراطورية التركية، هو الآن وظل عدة قرون، واقعا في أيدي البدو. فالسفر إلى هناك سعب دائما وخطر فعليا. وإلى الآن، فإنه لا يعرف سوى القليل جدا من تلك البلاد، وعن آثارها، أو سكانها. مع ذلك، بدأت الآن، أعمال الإستكشاف تقريبا. ويقدم مؤلف الكتاب هنا للجمهور خدمة ممتازة ورائعة في هذا المجال. وقد كان رحالة غير عادي. وبصفته عالم آثار في الجمعية الأمريكية لاستكشاف فلسطين، فقد كانت فرصه جيدة بشكل إستثنائي، وكانت هذه الفرص تتحسن بشكل جيد جدا.لقد أظهر براعة فائقة، وتمتع بحظ نادر جيد في التعامل مع البدو، الذين درس عاداتهم وفهمها بعناية، وعاش بينهم بأمان، كما لو أنه كان في "أندوفر". وللمؤلف الفضل في تقديم عدة تعريفات مهمة؛ فملاحظاته الطبوغرافية على طبيعة أراضي فلسطين الشرقية التي يقدمها بدقة وبأسلوب علمي؛ وستظهر نتائج الإستكشافات التي سبق وقام بها حينذاك، والتي استثنيت من النشر حتى الوقت الحاضر، لأسباب لا تحتاج لأن تفصل، ستظهر في حينها وفي الوقت المناسب.لقد اتخذ مجلد الكتاب الحالي شكلاً شعبياً. والأحداث الشخصية فيه مفعمة بالنشاط والحيوية وبالأسلوب الروائي البهيج. والتوضيحات المرافقة له جديدة وأصلية، والعديد منها من رسومات المؤلف نفسه. ويحتوي الكتاب على مقدار كبير من الأحداث والوقائع الجديدة الكاملة. وقد كان المؤلف دقيقاً وصبوراً في أبحاثه. وهو الآن يروي قصة حياته فيما وراء نهر الأردن بأسلوب مسل ومليء بالمعلومات على حد سواء.