عندما نريد فهم التاريخ الماضوي لأي مجتمع، علينا أن نفكك ظواهر ذلك المجتمع وصياغتها في أفكار رئيسية (فعلم الأفكار)يساعد في دراسة آلية تكوين الأفكار في الذهن الأساسي ويسعى الى كشف أوهام المطلق للرؤية، التي تهيمن عليها التقاليد والمعتقدات والأفكار الموروثة. إن محاولة إيجاد علاقات ترابطية بين ذهنيات المجتمع وتنظيماته المختلفة، ومواق...
قراءة الكل
عندما نريد فهم التاريخ الماضوي لأي مجتمع، علينا أن نفكك ظواهر ذلك المجتمع وصياغتها في أفكار رئيسية (فعلم الأفكار)يساعد في دراسة آلية تكوين الأفكار في الذهن الأساسي ويسعى الى كشف أوهام المطلق للرؤية، التي تهيمن عليها التقاليد والمعتقدات والأفكار الموروثة. إن محاولة إيجاد علاقات ترابطية بين ذهنيات المجتمع وتنظيماته المختلفة، ومواقفه من التغير الفكري يساعد على معرفة أسباب أزمة الرفض لأي مشروع إصلاحي أو ثقافي.وهو بذلك يوجد أولوية إعتمادية للعلاقة بين السلوك والفكر ومتتاليات التغير، بإعتبار أن التغير (إنتقال من حالة الى حالة مختلفة)، والأمر في ذلك ليس باليسير، والمقصود هنا عملية الإنتقال، لأنها تحمل جدلية مترامية الأطراف تتوزع بين المتغير والثابت للعامل الأساسي وموقف التصور الجمعي من الناتج، الرفض أو القبول، التآلف والتنافر، فالتغير دافع للتحول والتفاعل أو التبدل والإنتقال، والحالة كونها جسم التجربة الخاضعة للتغير قد تمثل للمجتمع نظاماً أو نسقاً بإعتباره التشكل الخاص للشيء أما في ذاته أو في علاقته مع البيئة المحيطة به، وهذه بالتأكيد مفهوم غالباً غير صحيح لأن الثبات لا يخضع للتغير في حين أن المتحول (جسم التجربة الحالة) هو الخاضع للتغير وهذه من الممبادئ الأولية للسنة الكونية، إذن جوهر التطور كونه ناتج التغير يسعى الى إيجاد إتفاق فعّال بين الثابت والمتحول، إضافة أن التغير مرحلة لاحقة تستلزم إعدادات مسبقة مقصودة من خلال الخطاب الديني والتعليمي والثقافي والإجتماعي.ضمن هذا التصور وإنطلاقاً من دراسة تحليلية للوعي الإنساني الذي يشكل ذاكرة الشعوب تنطلق الباحثة في خطوة جريئة في إنتقاد المجتمع السعودي الرافض للتغير والحداثة إنطلاقاً من مأزق وعيه. وهي تقول في ذلك أن الإشكالية أن الأفراد في هذا المجتمع محكومون بتصور جمعي، أو كما أطلقت عليه الإستسلام الجمعي، إذ هو يمثل مرجعاً هاماً في تشكيل هوية الفرد الإجتماعي، وكذلك المثقف فإنه مهما بلغت مسافات إنفصاله عن ذلك التصور ورفضه لهيمنته ليس بإستطاعته إلغاء أثره عليه، على الأمل على مستوى السلوك الإجتماعي واللغة الإجتماعية والشكل الإجتماعي.وتمضي قائلة بأن التصور الجمعي لا يمارس هيمنته على غير المتعلمين، بل والمتعلمين أيضاً. فما الذي جعل أساتذة مثل (الشيباني وباقادر وتنباك) يتراجعوا عن مناقشة قضية الحداثة وطرح جدلياتها أمام المجتمع وفي رأي الغذامي يعود الى قراءة كل واحد من هؤلاء للظاهرة الإجتماعية، وإعتقاده بعدم إستعدادها لقبول أسئلة بحثية شائكة ومحرجة وبما أنها شائكة فإن ضررها الشخصي والإجتماعي أكبر من نفعها. والأمر، أمر الحداثة، إنما يحتاج الى تفكيك البنية التحتية لثقافة المجتمع، وهذا أمر يحتاج الى خطط ومناهج طويلة المدى. من هنا تحاول الباحثة الكشف عن خلفيات هذا التصور الجميعي تحليلاً ودراسة. وجاء ذلك بمثابة إسهام لسير مجتمعها على طريق الحداثة من خلال قراءة لها في العقل السعودي.