عدت أدراجي إلى السيارة، لأذهب إلى المكتبة العربية الوحيدة الموجودة في مدينتي، والتي لم أفكر أبداً حتى بالدخول إليها، أردت أن أقرأ أي كتاب باللغة العربية، أي ورقة، أي سطر…دخلت بخطوات بطيئة، تأملت رفوف الكتب التي نقشت عليها العناوين بأحرف عربية تلعمتها وكتبتها في ماضٍ بعيد، غرقت عيناي بدموعٍ صامتة خبئتها خجلاً وتحفظاً، تجولت في ال...
قراءة الكل
عدت أدراجي إلى السيارة، لأذهب إلى المكتبة العربية الوحيدة الموجودة في مدينتي، والتي لم أفكر أبداً حتى بالدخول إليها، أردت أن أقرأ أي كتاب باللغة العربية، أي ورقة، أي سطر…دخلت بخطوات بطيئة، تأملت رفوف الكتب التي نقشت عليها العناوين بأحرف عربية تلعمتها وكتبتها في ماضٍ بعيد، غرقت عيناي بدموعٍ صامتة خبئتها خجلاً وتحفظاً، تجولت في المكان ببطٍ شديد، أردت أن أرى جمال الحروف دون إدراك معناها، أن أتأمل حرف الجيم والباء والتاء و...أردت أن أجلس على الطاولة الضخمة وأبكي كثيراً، ولكنني اكتفيت بأخذ أي كتاب وجلست، لأنني لم أعد أستطيع الوقوف، نظرت إلى صفحاته، وكنت أصارع دموعي، ثم فقدت قوتي القليلة أمامها، بكيت بصمت...تناولت قلمي وكتبت اسم والدي وأمي واسمك واسم ناصر، الحروف شكلت صورة إنسانية رائعة الجمال لماضٍ بعيد تجاوزته أو اعتقدت أنني تجاوزته، ما سعيت لنسيانه لسنوات كثيرة أعادته لي هذه الحروف القليلة، الجميلة ولأول مرة أكتشف يا سارة أن شوقاً جارفاً يسكن قلبي لهذه الحروف وإلا لماذا داهمني البكاء، لماذا شعرت بهذا الألم الشديد؟ هل أسأت لقلبي بأن اقتلعته ليس فقط من الجذور، بل أيضاً من أحرف وجوده الأولى...هل نرتكب حقاً الجرائم بحق أنفسنا؟!!