أخرج البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"الأرواح جنود مُجَنَّدة، ما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف". وأساس المحبة والتآلف هو القلب، لذا نجد أن القلوب تألف وتحن لمَن يوافق شاكلتها. يقول ابن القيم رحمه الله كما في "إغاثة اللهفان"(1/132):"المحبة هي التي تحرك المُحِبَّ في طلب محبوبه ...
قراءة الكل
أخرج البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"الأرواح جنود مُجَنَّدة، ما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف". وأساس المحبة والتآلف هو القلب، لذا نجد أن القلوب تألف وتحن لمَن يوافق شاكلتها. يقول ابن القيم رحمه الله كما في "إغاثة اللهفان"(1/132):"المحبة هي التي تحرك المُحِبَّ في طلب محبوبه الذي يكمل بحصوله له، فتحرك مُحِبّ الرحمن، ومُحِبّ القرآن، ومُحِبّ العلم والإيمان، ومُحِبّ المتاع والأثمان، ومُحِبّ الأوثان والصلبان، ومُحِبّ النسوان والمردان، ومُحِبّ الأطفال، ومُحِبّ الإخوان. فتثير من كل قلب حركة إلى محبوبه من هذه الأشياء، فيتحرك عند ذكر محبوبه دون غيره، ولهذا تجد مُحِبّ النسوان والصبيان، ومُحِبّ قرآن الشيطان بالأصوات والألحان لا يتحرك عند سماع العلم وشواهد الإيمان، ولا عند تلاوة القرآن، حتى إذا ذكر له محبوبه اهتزَّ له وربا، وتحرك باطنه وظاهره شوقاً إليه وطرباً لذكره، فكل هذه المحابّ باطلة مضمحلة سوى محبة الله وما والاها، من محبة رسوله وكتابه، ودينه، وأوليائه، فهذه المحبة تدوم ثمرتها ونعيمها بدوام مَن تعلَّقت به" اهـ. وذكر ابن القيم رحمه الله كذلك في كتابه "روضه المحبين ونزهه المشتاقين":"إن الحب أصل الفعل ومبدأه، وأصل حركة كل متحرك" اهـ. ولما كان الحبُّ محله القلب الذي هو أصل صلاح المرء وفساده؛ كان أمره في غاية الخطورة، ويحتاج منا إلى وقفة نُبَيِّن من خلالها أنواع الحب.