هذا هو الجزء الثاني والثلاثون من سلسلة "الدار الآخرة" للشيخ ندا أبو أحمد التي يواصل فيها التعريف بالدار الآخرة وما يحدث فيها من أحداث وأهوال، وحساب للخلق على حصاد أعمالهم، وهذا الجزء يواصل فيه الكاتب التعريف بالجنة ونعيمها، وما فيها من خير الجزاء للمتقين والأبرار، حيث يشوقنا الكاتب للعمل لهذا النعيم السرمدي الذي فيه ما لا عين رأ...
قراءة الكل
هذا هو الجزء الثاني والثلاثون من سلسلة "الدار الآخرة" للشيخ ندا أبو أحمد التي يواصل فيها التعريف بالدار الآخرة وما يحدث فيها من أحداث وأهوال، وحساب للخلق على حصاد أعمالهم، وهذا الجزء يواصل فيه الكاتب التعريف بالجنة ونعيمها، وما فيها من خير الجزاء للمتقين والأبرار، حيث يشوقنا الكاتب للعمل لهذا النعيم السرمدي الذي فيه ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر؛ يقول الكاتب في رسالته:"مذهب أهل السُّنَّة والجماعة أن الجَنَّة خالدة لا تفنى ولا تبيد، وأهلها من المؤمنين هم فيها خالدون". يقول ابن حزم في كتابه "الملل والنحل" (4/83):"اتفقت فرق الأُمَّة كلها - يقصد أهل السُّنَّة - على أن لا فناء للجَنَّة ولا لنعيمها، ولا للنار ولا لعذابها والأدلة على خلود الجَنَّة كثيرة منها:-الأدلة القرآنية والتي تدل على خلود أهل الجَنَّة، وهذا يستلزم خلود الجَنَّة. قال تعالى: ﴿ لاَ يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُم مِّنْهَا بِمُخْرَجِينَ ﴾ [الحجر:48]، وقال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلاً * خَالِدِينَ فِيهَا لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلاً} ﴾ [الكهف:107- 108]. وقال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً لَّهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَنُدْخِلُهُمْ ظِـلاًّ ظَلِيلاً ﴾ [النساء:57]. وقال تعالى: ﴿ عَطَاء غَيْرَ مَجْذُوذٍ ﴾ [هود:108]. قال الإمام ابن كثير رحمه الله في "تفسيره":"يقول تعالى: ﴿ وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُواْ ﴾ وهم أتباع الرسل، ﴿ فَفِي الْجَنَّةِ ﴾ أي: فمأواهم الجَنَّة، ﴿ خَالِدِينَ فِيهَا ﴾. أي: ماكثين مقيمين فيها أبداً، ﴿ مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ ﴾ معنى الاستثناء هاهنا:أن دوامهم فيما هم فيه من النعيم، ليس أمراً واجباً بذاته، بل هو موكول إلى مشيئة الله تعالى، فله المنة عليهم [دائماً]، ولهذا يُلهمون التسبيح والتحميد كما يُلهمون النَّفَس. وقال الضحاك، والحسن البصري:"هي في حق عصاة الموحدين الذين كانوا في النار، ثم أخرجوا منها"، وعـقَّـب ذلك بـقـوله: ﴿ عَطَـاء غَيْرَ مَجْذُوذٍ ﴾ [هود:108] أي: غيــر مقطــوع (قــاله ابن عبــاس، ومجــاهد، وأبو العالية وغير واحد)؛ لئلا يتوهَّم متوهِّم بعد ذكره المشيئة أن ثم انقطاعاً، أو لبساً، أو شيئاً، بل ختم له بالدوام وعدم الانقطاع، كما بيَّن هنا أن عذاب أهل النار في النار دائماً مردود إلى مشيئته، وأنه بعدله وحكمته عذبهم؛ ولهذا قال: ﴿ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ ﴾ [هود:107]، كما قال: ﴿ لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ ﴾ [الأنبياء: 23]، وهنا طيب القلوب وثبت المقصود بقوله: ﴿ عَطَاء غَيْرَ مَجْذُوذٍ ﴾ [هود:108]. يا أهل الجَنَّة، خلود فلا موت، ويا أهل النار، خلود فلا موت" انتهى".