هذا هو الجزء الثالث عشر من سلسلة "الدار الآخرة" للشيخ ندا أبو أحمد التي يواصل فيها التعريف بالدار الآخرة وما يحدث فيها من أحداث وأهوال، وحساب للخلق على حصاد أعمالهم، وفي هذه الرسالة يورد الكاتب جملة من أشراط الساعة، وأماراتها، وما ثبت فيها من علامات بعيدًا عن المرويات الباطلة والإسرائيليات الشاذة التي تنتشر على ألسنة القصاص والع...
قراءة الكل
هذا هو الجزء الثالث عشر من سلسلة "الدار الآخرة" للشيخ ندا أبو أحمد التي يواصل فيها التعريف بالدار الآخرة وما يحدث فيها من أحداث وأهوال، وحساب للخلق على حصاد أعمالهم، وفي هذه الرسالة يورد الكاتب جملة من أشراط الساعة، وأماراتها، وما ثبت فيها من علامات بعيدًا عن المرويات الباطلة والإسرائيليات الشاذة التي تنتشر على ألسنة القصاص والعوام. قال الكاتب:"وصدق الحبيب النبي - صلى الله عليه وسلم - حيث قال كما في "صحيح مسلم" من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -:"يكون في آخر الزمان دجَّالُون كذَّابون، يأتونكم من الأحاديث بما لم تسمعوا أنتم ولا آباؤكم، فإيَّاكم وإيَّاهم لا يضلونكم ولا يفتنُونكم". وهكذا صار الخوض في أشراط الساعة - وهو من الأمور الغيبية - كلأً مباحاً يتناوله كل من هبَّ ودبَّ، فأفرز مجازفات وشطحات تقشعر منها الجلود، والعجيب تهافُت العامة عليها، وأحبُّ أن أنبِّه هنا على أمرٍ وهو أن غالب مَن يتكلم عن أشراط الساعة والملاحم، فإنه ينقل من كتاب "الفتن" لنعيم بن حماد الخزاعي، وقد تكلَّم العلماء في نعيم:فقال الذهبي - رحمه الله -: نعيم من كبار أوعية العلم، لكنه لا تركن النفس إلى رواياته. وقال أيضًا: وقد صنف كتاب "الفتن" فأتى فيه بعجائب ومناكير. وقال الدارقطني - رحمه الله -: إمام في السُّنَّة كثير الوهم. وقال ابن حجر - رحمه الله -: صدوق يخطئ كثيراً، فقيه عارف بالفرائض. وقال مسلمة بن قاسم: كان صدوقاً، وهو كثير الخطأ، وله أحاديث منكرة في "الملاحم" انفرد بها. لذا أحاول جاهداً الحديث عن أشراط الساعة الصغرى والكبرى بعيداً عن الضعيف والموضوع وكل مبتدع دخيل، واستخلاص الصحيح منها وبيان معانيها، وهذا شأن كل مَن يتكلم عن الأمور الغيبية، وحتى لا يدخل تحت قول رب البرية: ﴿ قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ ﴾ [الأعراف:33]. وقال تعالى: ﴿ وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً ﴾ [الإسراء:36]. وفي حديث جبريل المشهور أنه سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الإسلام والإيمان والإحسان وأشراط الساعة، وفي الحديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "فإنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم" فعدَّ أمارات الساعة من جملة الدين، وأمور الدين توقيفية لا سبيل إلى معرفتها إلا عن طريق الوحي الشريف. وصدق القاسم بن محمد حيث قال:"لأن يعيش الرجل جاهلاً، خير من أن يقول على الله ما لا يعلم". ومن التقوُّل على الله بغير علم؛ أن تنزل أحاديث تتكلَّم عن أشراط الساعة وأمور مستقبلية على وقائع وأحاديث بغير مستند شرعي، ولا الرجوع إلى أهل العلم الثقات".