من خلال عنوانين داخليين دالين، يشطران المجموعة القصصية "بقعة دم على شجرة" لـ "منير عتيبة"، تبدو العلاقة بين الكتابة القصصية، وفلسفة المعايشة الحياتية المغايرة للواقع، أو المنحازة إلى الجانب الآخر من الحياة المفتقد في دهاليز الحيرة الإنسانية، أو ربما الوقوع تحت تأثير الرغبة في إعادة تشكيل العلائق المادية مع الواقع المحيط، من حيث ...
قراءة الكل
من خلال عنوانين داخليين دالين، يشطران المجموعة القصصية "بقعة دم على شجرة" لـ "منير عتيبة"، تبدو العلاقة بين الكتابة القصصية، وفلسفة المعايشة الحياتية المغايرة للواقع، أو المنحازة إلى الجانب الآخر من الحياة المفتقد في دهاليز الحيرة الإنسانية، أو ربما الوقوع تحت تأثير الرغبة في إعادة تشكيل العلائق المادية مع الواقع المحيط، من حيث اختلاف الزوايا الحياتية، ونزوعاً نحو اكتمال الرؤى المتعلقة بالحالة (القصصية / الإبداعية) المتضاربة مع الحالة الحياتية المشتبكة مع الواقع، واللا واقع في نفس الآن.. يبدو ذلك كله مرتبطاً في ضمير النصوص بمسيرة، ومصائر الشخوص التي تعاني ضغطاً نفسياً، وإن تفاوتت درجات تأثر كل منها بعناصر فقد أي من مقومات تلك الحياة أو ما تصبو إليه فيها، وهاجس كل منها للاكتمال أو التحقق من فشل هذا الهاجس.حيث يلج "عتيبة" عالم مجموعته الجديدة، باستلهام روح أحد نصوصه في مجموعته السابقة "كسر الحزن"، مستمداً منها مفتتحاً دالاً، ومؤثراً في تعميق الرؤية الخاصة للمجموعة، والتي ترتبط بهذا الإحساس الفلسفي بقوة الفقد إمعاناً في الالتصاق بقوة في أمل ما ربما تحقق كاكتمال لهاجس ما. يرتبط القسم الأول للمجموعة المعنون بـ "عن الزمن والمتاهة"، بعنصر الزمن الذي تسلل من نص المفتتح، متتبعاً هذا الخيط النفسي، والذي يربطه بدلالة المتاهة التي تتآلف معه، ليسيطرا على مجرى السرد الواقع بينهما، من خلال مجموعة داخلية من النصوص يلعب فيها الزمن، مع دلالات الفقد المعنوي، المتضافر مع المادي في أغلب الأحوال. وثمة صلة وثيقة بين القسم الثانى للمجموعة والمعنون "عن الحب والقسوة" بالقسم الأول "عن الزمن والمتاهة"، من حيث تأطير وتكريس دلالات الفقد التي تشغل الهم الرئيس لتلك المجموعة، وذلك أيضاً من خلال محاولة الولوج إلى العالم الذاتي النفسي لشخوص تسحقهم بيئتهم المشحونة بمزيج من المشاعر المتضاربة التي تتعامل مع كل شيء حتى مشاعر الحب و العاطفة بالقسوة، وهو ما نجح هذا العنوان الفرعي بالتعبير عنه بتلك الثنائية المتقابلة، والمتناصة مع الواقع السفلي لقاع المكان أيا كان، فالمكان هنا يلعب دورا رئيساً في تجسيد المعاناة، فهو الحدود الضيقة التي تتحرك فيها هذه المشاعر المتضاربة، ولا تخرج خارج حيزها القدري. وذلك أيضاً من خلال مجموعة النصوص التي تتوافر لها عوامل عالم متكامل يمكن تجسيده بتواليها أو ارتباطها الملتزم بعنصر المكان، وبالتالي يتلاشى عنصر الزمن، تقابلاً مع نماذج القسم الأول التي حدث فيها العكس بطغيان عنصر الزمان وتلاشي عنصر المكان.الناقد محمد عطية محمود