الرحلة في شعر المتنبي

إن صحبة المتنبي شيقة ممتعة ، وعلى الرغم مما يكتنفها من جهد عظيم وقلق كبير ، هما النتيجة الطبيعة والحتمية لمن يتجشم عناء التعامل مع شعره ، ولا سيما إذا تمثل ذلك التعامل في متابعته في رحلته على مر الأيام هذه الرحلة - أو الرحلات - التي غدت ، بما أشربتها روحه ، وبما استنرفت منه من طاقة نفسية ومادية قصوى ، رمزا دالا تمام الدلالة على تفرد هذا الشاعر المتنبي الذي كانت طموحاته وآماله ورغباته من الكبر والعظم والسعة ، جل أن تسمى وهذا الكتاب محاولة لاستكشاف أسرار هذا الترحال الدائم ، الذي لم يكن بالجسد فحسب ، وانما كان أهم سمات نفس مرهفة الإحساس ، كثيرة الرغبات مثل نفسه بل إن هاتين الرحلتين -جسدية ونفسية - كملت إحدهما الأخرى، بوصف كل منها سببا أو نتيجة للأخرى