خلق الموتى

يعد الروائي المصري ممدوح رزق من أكثر الكتاب الشباب نشاطا وأغزرهم إنتاجا، فهو يتعامل مع الكتابة بإخلاص واحتراف، ويخوض في دروبها المختلفة ما بين سرد وشعر ونقد وترجمة ومن أهم أعماله: قبل القيامة بقليل، سوبر ماريو، النمو بطريقة طبيعية، بعد كل اغماءة ناقصة، السييء في الأمر وغير ذلكوتشكل روايته الجديدة مزيجاً متداخلاً من الخدع السردية التي ترفض تعيين حدود فاصلة بين الحقائق والأكاذيب من خلال شخصية أب عجوز يمارس القرصنة الالكترونية ويستولي على أحد منتديات الانترنت ليحوله إلى فضاء خاص يحكي من خلاله ذكرياته عن نفسه وعن مدينته وأسرته وصديقه الوحيد.. في نفس الوقت تأخذ شخصية الابن «عازف الترومبيت» مكان الأب في هذه الرسائل بالتبادل مع شخصية الكاتب نفسه لمنع أي تأكيد من تثبيت حضوره عن طبيعة هذه الشخصيات.. بواسطة تقنية «ما وراء السرد» حقق الكاتب رغبته في اللعب بالأزمنة وبالمقاطع المراوغة والشذرات المفاجئة وبقصص ومصائر الشخصيات كما استخدمها أيضا في تحليل الهوامش الخاصة بحياته وبكتابته هذه الرواية دون تورط في الكشف عن قصد ثابت يباعد بين الواقع والخيال أو يرسم ملامح جازمة لهما.من أجواء الرواية: «الآن سيلتفت ناحيتي وستتوقف أصابعه عن تدوير السبحة ورأسه المحنية سترتفع قليلا بما يسمح لعينيه المرتعشتين بتثاقل أن تنظرا في وجهي.. سيحاول أن يضيف ابتسامة إلى ملامحه لكنها ستخرج في شكل اختلاجات خفيفة تتناثر بوهن حول شفتيه للحظات قبل أن تضيع تماما.. حين يتكلم سيبدو كأنه لم يشرب الماء منذ سنوات طويلة :(هل جربت الفرح برسالة الترحيب الآلية التي تظهر لك بعد تسجيلك في منتدى أو عندما يرسل لك هذا المنتدى رسالة تهنئة على الإيميل يوم عيد ميلادك؟.. حينما تكون في أشد الحاجة للتحدث مع أحد وتتصل بصديق؛ هل لاحظت نبرة السخرية في صوت المرأة التي تخبرك بأن «الهاتف الذي طلبته ربما يكون مغلقا، من فضلك حاول الاتصال في وقت آخر»؟)شريف صالحالنهار الكويتية31 يوليو 2012