تتوجه الجهود الحالية في الصناعة في كل من القطاع العام والخاص نحو التحول من مفهوم إدارة شؤون الموظفين إلى مفهوم إدارة الموارد البشرية (Human Resources Management). هذا التحول يعني التخلي عن الطرق التقليدية في إدارة الموظفين لتصبح إدارةً مبنيةً على أسس علمية رصينة تهدف إلى الاستثمار الأمثل في القوى البشرية (Man Power) لرفع كفاءتها...
قراءة الكل
تتوجه الجهود الحالية في الصناعة في كل من القطاع العام والخاص نحو التحول من مفهوم إدارة شؤون الموظفين إلى مفهوم إدارة الموارد البشرية (Human Resources Management). هذا التحول يعني التخلي عن الطرق التقليدية في إدارة الموظفين لتصبح إدارةً مبنيةً على أسس علمية رصينة تهدف إلى الاستثمار الأمثل في القوى البشرية (Man Power) لرفع كفاءتها وتحقيق سعادتها و رضاها في العمل. إن رفع كفاءة العنصر البشري وتحقيق سعادته هو محور عملية إدارة الموارد البشرية، وإن الأداء والرضا في العمل هي أبعاد قابلة للقياس في العمل ويمكن قياسها بأشكال مختلفة، كما أن قياس هذه الأبعاد يمكّن العاملين في إدارة الموارد البشرية من الحصول على المعلومات اللازمة لاتخاذ القرار المناسب، وبناء التخطيط الاستراتيجي الملائم لتطوير الموارد البشرية و تلافي المشاكل المتوقعة.إن قياس الجوانب السلوكية والأدائية في العمل هو أمر سهل بحد ذاته، خصوصاً إذا تم استخدام مقاييس مقننة معيارية تتمتع بمؤشرات صدق وثبات عاليين، إلا أن الأرقام الخام التي يعطيها أي مقياس لأي جانب سلوكي لا يعطي الكثير من المعلومات ما لم تتوافر له معلومات وأرقام مرجعية تمكّن صانع القرار من معرفة موقع هذه الدرجات من المجتمع الكلي المشابه للعينة. و يُعرف هذا الأمر عند المختصين بتطوير مؤشرات مرجعية للظاهرة موضوع القياس (Bench-Marking Indicators).ومن هذا المنطلق، يأتي هذا الدليل ليزود قطاع العمل بمقياس للرضا الوظيفي مزود بمؤشرات مرجعية وإحصاءات وصفية لمعدلات الرضا الوظيفي للعديد من الوظائف و القطاعات المهنية المختلفة، وذلك باستخدام مقياس شائع الاستخدام في العديد من الدول الغربية والصناعية الكبرى (Stride et al., 2007)، والذي تم تقنينه إلى اللغة العربية حديثا (انظر: الزعبي، 2010).هذا و يعد الرضا الوظيفي من أحد المؤشرات السلوكية في العمل والتي تشير إلى ردود الفعل الانفعالية (Affective Reactions) لدى الموظف للعمل الذي يعمل فيه. اهتمت العديد من المنظمات بقياس معدلات الرضا الوظيفي لدى موظفيها في محاولة منها للتنبؤ بسلوكات ذات أهمية لها مثل سلوك ترك العمل، وسلوك المواطنة الصالحة في العمل. وسلوك التغيب عن العمل غير المبرر ، والتميز في أداء العمل.إن قياس المؤشرات السلوكية السابقة أمر مفيد، ولكنه ليس أمراً صعباً، ومن الممكن لأي شخص ذو معرفة، ومن خلال استخدام مقياس يتمتع بخصائص سيكومترية جيدة، من الحصول على معدلات للرضا الوظيفي في منظمته بفترة قصيرة وبجهد متوسط. ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو ماذا تعني هذه المعدلات، هل هي منخفضة أم أن منظمته ذات رضا مرتفع. في الحقيقة أن الشخص هنا لا يستطيع الحكم على هذا الأرقام الخام ما لم تتوافر لديه أرقام مرجعية للمقارنة مجمعة من عينات أخرى كبيرة الحجم تم استخراجها من منظمات مشابهة (Stride et al, 2007).إن إعطاء معلومات وإحصاءات وصفية لأي مقياس على عينات مختلفة من المستجيبين تساوي بالأهمية تطوير هذا بالمقياس، فلا أهمية تطبيقّية لتطوير أي مقياس ما لم يتم تزويده بمؤشرات مرجعية تساعد على تفسير الأرقام الخام التي يتم استخراجها من هذا المقياس. هذا الأمر مهم لأن الأرقام الخام بحد ذاتها لا تعطي الكثير من المعلومات، فعلى سبيل المثال إذا وجد أحد مديري الموارد البشرية أن متوسط الرضا الوظيفي للعاملين بوظيفة محاسب في منظمته يبلغ (4.15 من أصل 7 نقاط)، فإن هذا الرقم بحد ذاته لا يعطي الكثير من المعلومات، ولكن عندما يتم مقارنة هذا الرقم مع معدل رضا وظيفي يبلغ (3.41) مستخرج من عينة كبيرة الحجم للعاملين بوظيفة محاسب في قطاعات عمل مختلفة ومنظمات متعددة، فإن تفسير هذا الرقم يصبح أكثر سهولةً وذو معنى أعمق. مثل هذه المقارنة يمكن أن يتم استخدامها من قبل الباحثين او أخصائيي الموارد البشرية من اجل التشخيص أو التصنيف، أو الخروج بمؤشرات مرجعية (Bench-Marking Indicators) عن معدلات الرضا الوظيفي.إن أهمية وجود أرقام للمقارنة لأي مقياس هي أمر ثابت، وبالغ الأهمية في نظريات القياس وله أهمية بالغة في الأبحاث التطبيقية. لكننا نجد أن مثل هذه الأرقام المرجعية مستخدمة بكثرة في اختبارات القدرة العقلية، أو اختبارات الشخصية، إلا أن المقاييس السلوكية من مثل مقاييس الرضا الوظيفي لا يوجد لها مثل هذه المعلومات المرجعية مع أنها بالغة الأهمية (Mullarkey et al,1999). و يعتبر هذا الأمر مشكلة في الأبحاث العربية فمع أن هناك العديد من المقاييس العربية التي تم تطويرها لقياس الرضا الوظيفي، إلا أنه لا يوجد لدى أي منها معلومات مرجعية أو دليل بيانات وصفية.من يستخدم هذا الدليل وما هي مجالات استخدامه؟يأتي هذا الدليل ليحاول أن يقدم للباحث واختصاصي الموارد البشرية معلومات مرجعية وإحصاءات وصفية لمعدلات الرضا الوظيفي لقطاعات مختلفة للأعمال والوظائف. لقد تم تطوير المقياس واشتقاق المعايير المرجعية من عينة كبيرة الحجم زادت عن الأربعة آلاف موظف وعامل يعملون في أكثر من 22 مؤسسة صناعية وخدمية.لا يوجد أي ضوابط على استخدام هذا المقياس، فهو مفتوح لأي أخصائي في إدارة الموارد البشرية أو علم النفس الإداري والذي يرغب بمعرفة معدلات الرضا الوظيفي في مؤسسته ليقارنها بمعدلات القطاعات المهنية أو الوظيفية المشابهة. لذلك، يمكن للراغب أن يقوم بإعادة طباعة فقرات المقياس أو أن يستخدم النماذج التي تم تزويدها بملحق رقم 1 في آخر هذا الدليل و ينسخها ويوزعها على موظفيه.ومن الجدير بالذكر هنا إن هدف هذا الدليل هو تقديم مؤشرات مرجعية فقط (Bench-marking indicators)، لذلك لا تشير هذه الأرقام بأي شكل من الأشكال على أنها معايير (Norms)، حيث إن كلمة معيار تشير إلى أن البيانات مشتقة من عينة عشوائية ممثلة للمجتمع، وهذه ليست هي الحالة في البيانات الحالية.