من يقرأ عنوان هذا الكتاب يتبادر إلى ذهنه أن موضوعه هو الحلال والحرام: بالمعنى المصطلح عليه بين الفقهاء، حيث يقولون إن الأحكام التكليفية هي الوجوب والندب، والحرمة، والكراهية، والإباحة، وكل ما يصدر عن الإنسان الذي بلغ رشداً، من فعل أو قول أو ترك، وكل ما يسري في عميق وعيه من خاطرة أو شعور، لا بد أن يكون موضوعاً لأحد الحكام التكليفي...
قراءة الكل
من يقرأ عنوان هذا الكتاب يتبادر إلى ذهنه أن موضوعه هو الحلال والحرام: بالمعنى المصطلح عليه بين الفقهاء، حيث يقولون إن الأحكام التكليفية هي الوجوب والندب، والحرمة، والكراهية، والإباحة، وكل ما يصدر عن الإنسان الذي بلغ رشداً، من فعل أو قول أو ترك، وكل ما يسري في عميق وعيه من خاطرة أو شعور، لا بد أن يكون موضوعاً لأحد الحكام التكليفية الأنفة الذكر.لكن القارئ لا يلبث أن يدرك بعد قراءة ما تيسر من فصول الكتاب، أن المقصود بكلمتي الحلال والحرام الواردتين في العنوان هو الأحكام التكليفية كلها، وذلك أن الكتاب يبحث فيما هو أوسع من الحلال والحرام، كالفرائض والمكروهات والمندوبات.وسيدرك القارئ أن البحث عن الحلال والحرام وسائر الأحكام التكليفية في هذا الكتاب ليس على الطريقة التي ألفناها في كتب الفقه، أو التي تتحدث عن الأحكام من حيث هي تكليف إلهي، أو من حيث الدليل الدال عليه من الكتاب والسنة، بل ثمة منهج جديد اعتمده الشيخ "جمال الدين عبد الله التنوخي" ويتلخص بأنه يعرف الإسلام بكونه يتألف من أركان ثلاثة هي العقيدة أولاً ونظام القيم ثانياً والشريعة ثالثاً، وهذا التعريف يختلف عما اشتهر على ألسنة الخاصة والعامة وفي بطون الكتب من تعريف للإسلام بأنه عقيدة وشريعة فقط.ويمثل نظام القيم بالنسبة إلى الأحكام التكليفية موقع العلة التامة التي تقتضي جعل الحكم الشرعي على وفاقها، وبصيغة أخرى تعتبر القيم بمثابة الروح المنبثة والمتجسدة في الأحكام التكليفية وهي أيضاً الملاكات والمناطات التي أنبت عليها تلك الأحكام. وبناء على ما تقدم يكون الكتاب الذي بين أيدينا كتاباً تشريعياً وكتاباً تربوياً أيضاً، لأنه يرشد إلى السلوك الأمثل ويقعد للسلوك قواعد داخل ذات الإنسان ويرسخ المواءمة بين المفهوم والمصادق.وما سوف يراه القارئ في مضمون الكتاب هذا من تباين في المذاهب الإسلامية الأخرى هو وبحسب قول مؤلفه ناتج عن خلاف في التفسير لبعض الآيات، أضف إلى ذلك أن الحكام التي سادت في وقت من الأوقات ولا يزال الموحدون متمسكين بها، تعود إلى محاولات الإصلاح التي قام بها بعض الأئمة وأمروا بتنفيذها بحكم ولا يتهم، ومنها عدة إعادة المطلقة، وجعل العصمة في الطلاق بيد الرجل والمرأة على السواء...".وبالعودة لمضمون أقسام هذا الكتاب أن مؤلفه قد التزم في ترتيبه موضوعاته منهجاً خاصة حيث قدم في فصله الأول القواعد الفقهية المعروفة في التحليل والتحريم باختصار شديد دفعاً للملل، وبحيث في الفصل الثاني أمور الأسرة من خطبة وزواج وواجبات الزوجين وأحكام الطلاق والنسب. وتناول في الفصل الثالث موضوع الجوارح بين الحلال والحرام، وضمن الفصل الرابع الفرائض التي يعتقدها المسلمون الموحدون، وذكر في الفصل الخامس واجبات الموحد، وذكر في الفصل السادس ما يحرم على الموحد، وأنهى الكتاب بالإجابة على بعض الأسئلة مع ذكر الآراء الفقهية إزاء بعض الأمور.