منذ أقدم المجتمعات، خرج الإنسان من دياره ليقيم علاقات مع جيرانه والمناطق المحيطة بمكان إقامته. فاستوطن في بلاد بعيدة عنه وعمل فيها وتزوج من أهلها وأقام معهم علاقات متعددة. لكن هذه العلاقات بقيت محدودة وضيقة في عالم صعب فيه تخطي الحدود وكثرت مشقات السفر وبعدت المسافات وتنافرت المجتمعات وتضاربت مصالحها. إلا أن اليوم، ومع التطور ال...
قراءة الكل
منذ أقدم المجتمعات، خرج الإنسان من دياره ليقيم علاقات مع جيرانه والمناطق المحيطة بمكان إقامته. فاستوطن في بلاد بعيدة عنه وعمل فيها وتزوج من أهلها وأقام معهم علاقات متعددة. لكن هذه العلاقات بقيت محدودة وضيقة في عالم صعب فيه تخطي الحدود وكثرت مشقات السفر وبعدت المسافات وتنافرت المجتمعات وتضاربت مصالحها. إلا أن اليوم، ومع التطور الهائل لوسائل النقل والاتصالات بات العالم شبيهاً بقرية صغيرة، فكثرت المبادلات التجارية وتطورت العلاقات السياحية في شتى أنحاء المعمورة بشكل منقطع النظير، وأصبح التبادل بين أفراد من جنسيات مختلفة أمراً مألوفاً وعادياً. فيمكن للمواطن الأردني اليوم أن يغادر عمان صباحاً ليزور متحف اللوفر في باريس ثم يعود مساءً إلى منزله. وتظهر أهمية القانون الدولي الخاص في كونه المرجع الوحيد لمعالجة العلاقات القانونية المحتوية على عنصر أجنبي، والتي لا يمكن إخضاعها للقوانين المطبقة على العلاقات الداخلية الخالصة. فلو أبرم أردني عقد بيع مع أردني آخر في عمان، فالعلاقة هنا هي وطنية بحت ويحكمها القانون الداخلي لانعدام العنصر الأجنبي فيها. بينما لو أبرم هذا العقد بين أردني وفرنسي بشأن مبيع موجود في ألمانيا وتم الاتفاق على تسليمه في فرنسا، فهذه العلاقة تخرج عن نطاق القانون الداخلي لتدخل ضمن مجال القانون الدولي الخاص لاحتوائها على عنصر أجنبي واحد على الأقل وارتباطها بأكثر من نظام قانوني (الأردن، ألمانيا، فرنسا). وعليه، فإن أي نزاع سيثار بشأن هذه العلاقة ستحكمه قواعد القانون الدولي الخاص سواء فيما يتعلق بتحديد القانون الواجب التطبيق عليه أم فيما يخص تحديد المحكمة المختصة.