تعتبر السينما الإسبانية أحد أكثر السينمات الأوروبية تميزا حيث حقق بعض رموزها صيتا عالميا. فالحديث أولا وأخيرا عن سينما القرن العشرين لا بد وان يمر بنماذج من السينما الاسبانية، فلا يمكن أن تحيد عن سينما لويس بونويل المعروف عالمياً وكارلوس ساورا وخوان بارديم والمخرجة ببلار ميرو أو ظاهرة أفلام بيدرو المودوفار مؤخراً، والذي حاز فيلم...
قراءة الكل
تعتبر السينما الإسبانية أحد أكثر السينمات الأوروبية تميزا حيث حقق بعض رموزها صيتا عالميا. فالحديث أولا وأخيرا عن سينما القرن العشرين لا بد وان يمر بنماذج من السينما الاسبانية، فلا يمكن أن تحيد عن سينما لويس بونويل المعروف عالمياً وكارلوس ساورا وخوان بارديم والمخرجة ببلار ميرو أو ظاهرة أفلام بيدرو المودوفار مؤخراً، والذي حاز فيلمه كل شيء عن أمي علي أوسكار أفضل فيلم أجنبي عام 2001، وأليخاندرو آمينابار الذي حاز الأوسكار عن فيلمه البحر من الداخل ، كما لا يمكن تجاهل ممثلين وممثلات مثل أنتونيو بانديراس وفرناندو جوميز وفيكتوريا أبريل وكارمن ماورا وبينلوبي كروز وخافيير بارديم.حول السينما الاسبانية صدر مؤخرا بدمشق كتاب للناقد السينمائي السوري محمد عبيدو ويتضمن إضاءة تاريخية لتطورات السينما الاسبانية منذ عام 1896 وحتي اليوم.فيبدأ من انتاجات السينما الصامتة، ذاكرا أن عدد صالات العرض بلغ عام 1914 مع انفجار الحرب العالمية الأولي في المدن الاسبانية حوالي 900 صالة، واعتبر هذا العدد في ذلك الوقت كبيرا جدا حيث كانت اسبانيا مثل معظم الدول الأوروبية الأخري، تستقبل الأفلام وتعرضها من كل بلدان العالم المنتجة للسينما.ومع بداية السينما الناطقة، والألوان، وقبل الحربين العالميتين وبعدهما، لاقت السينما في اسبانيا صعودا وهبوطا متكررا موازيا لحالة البلاد السياسية المضطربة في فترة حكم الجنرال فرانكو الشمولية والقمعية جدا.وقد لعبت السينما الإسبانية دورا مهماً في تحول إسبانيا إلي الديمقراطية ليس فقط بعد وفاة فرانكو 1975 بل في السنوات السابقة لوفاته، وحتي منذ سنوات الحرب الباردة 1945 ـ 1957 ومعها بدأت تتحول سياسة الانغلاق التي اتبعها نظام فرانكو أثناء وبعد الحرب الأهلية 1936 ـ 1939 إلي الانفتاح علي العالم ـ رغم قيود الرقابة والتزمت الداخلي ـ واستفادت السينما الإسبانية من هذا الانفتاح الذي أراد النظام أن يجمل صورته بها أمام العالم، وبدأت حركة سينما جديدة واستفاد النظام نفسه من فوز بعض الأفلام الإسبانية بجوائز في المهرجانات الدولية.ويفرد محمد عبيدو فصولا خاصة في الكتاب للإطلالة النقدية علي علامات السينما الاسبانية الهامة مثل:لويس بونويل المخرج السينمائي السريالي الذي عاش عصره بتفرد واسهم في العديد من حركاته الثقافية والفنية والسياسية، ولد في قلندية باسبانيا عام 1900 وتوفي عام 1983، أمضي فترة من شبابه بين 1917 ـ 1925 في مدريد حيث كانت الحركة الأدبية والثقافية والسياسية ناشئة فاجتذبه الجو وحدد له خيارات حياته، وهناك تفتح علي المذاهب السياسية وعايش عن قرب الصراع بين الحكم الديكتاتوري والحركة العمالية والنقابية والفوضوية الآخذة بالنمو، مع ولادة الحزب الشيوعي الاسباني. ويري المؤلف أن حياة لويس بونويل المضطربة القلقة المتغيرة لعبت دوراً رئيسياً مهماً انعكس علي أفلامه المدهشة.. وأصبحت مرجعاً لا بد من الوقوف أمامه لتفسير الأسئلة الكثيرة والمحمومة التي يطرحها هذا العبقري في أفلامه.. والتي ما زالت، رغم مضي ثمانين عاماً أو يزيد علي ظهورها.. تفتح لكل متفرج طاقة سحرية، وتدخله إلي حديقة مسحورة.. تعجز عن تصويرها أحياناً خيالات ألف ليلة وليلة والديكاميرون والمهاباراتا.. واندفاعات مسرح النو.. أو مسرح العنف والقسوة الذي نادي بها أرتو، هذا الفنان الذي دخل إلي عالم عمالقة السينما الذين لولا وجودهم لما كانت السينما هي السينما .ثم يدخل الكتاب في عالم كارلوس ساورا أهم مخرجي اسبانيا عبر تاريخها، وأحد أبرز المخرجين الذين استطاعوا الخروج باقتراحات بداعية وثقافية أصيلة، بعيداً عن تأثيرات السينما الهوليوودية. سينما كارلوس ساورا ذات تأثيرات تعبيرية تمتلك فرادتها واستعارتها الخاصة بالمعالجة رغم اتكائها علي ارض من الروح الاسبانية تبدو قديمة، يغلفها ضباب وعتمة وألغاز الحياة والموت، وكل ما يتكيء علي الصراع الذاتي المحاط بالصمت، وعذوبة الموسيقي الاسبانية (الفلامنكو) القادمة من إبداعات الغجر وتطلعاتهم إلي الحرية والانعتاق من قيود وأغلال الواقع، في أفلام تنهض علي ارض صلبة من الاسنادات والمراجع السينمائية ـ في محاكاتها لمتفرج لا يرضي إلا بالفرادة والدهشة ـ لأنماط مختلفة عما اعتادت السينما العالمية أن تقدمه من معالجات سطحية في انتاجات مبهرة فارغة المضمون والشارات، وتفقد الرؤية الخلاقة والإبداع الاستثنائي. انه واحد من الكبار المختلفين عن السائد والخارجين عليه، والساعين لتشكيل ملامح سينمائية خاصة نابعة من خصوصيات بلدانهم. .. ويحلل الكتاب أفلام بيدرو آلمودوفار المؤلف السينمائي، صاحب اللغة الخاصة في التعبير، والتي اكتسبت سمات خاصة به، و أفلامه المثيرة للجدل مثل: كعوب عالية و زهرة سري و لحم حي و كل شيء عن أمي و تحدث معها و تعليم رديء ويقول لا يكف آلمودوفار عن المشاغبة! ستظل أفلامه تثير الكثير من الجدل لأنها تنطلق بعقل المشاهد وقلبه إلي أفق رحب وأفكار كبيرة يحاول معظم الناس تجاهلها أو غض الطرف عنها. ثم يأتي آلمودوفار مسلحاً بموهبته الكبيرة وخبرته الطويلة في فن صناعة السينما ليشاغب ويجلي الغبار عن الكثير من الأفكار المنسيّة، أو يتطاول ويتجرأ علي كل ما هو مؤسسي وسلطوي وينقد في شدة ولكن بمنتهي الثقافة والخبرة ما لا يجرؤ الكثيرون غيره من كبار الأسماء وأهمها حتي علي الاقتراب منه .ويقرأ الكتاب سينما أليخاندرو أمينابار الشعرية التي تحاكي الموت وتقارب نبض الحياة عبر أفلام افتح عينيك و الآخرون و البحر من الداخل وفيها يعمد أمينابار إلي تقديم مقاربة للموت تسطع من زاوية الحياة والطبيعة والحياة اليومية.فرغم المواضيع المعقدة نجح امينابار في إعداد أفلام متألقة ببساطتها المضيئة، يكرم من خلالها الحزم والكرامة والحرية الإنسانية بنفس مأسوي وشاعري، في الوقت عينه يهزنا ويمزقنا من الأعماق.ويتابع أفلام بينيلوبي كروز الساحرة الاسبانية في هوليوود، وطريقها المليء بالأشواك ونيران الشائعات، حيث استطاعت هذه النجمة الجميلة التي جاءت من اسبانيا أن تقتحمه لتقفز فوق كل أسوار هوليوود وتتربع علي عرش القمة بها.. وتجربة أنطونيو بانديراس ابرز نجوم السينما العامين في الوقت الحالي.أتي الكتاب في 101 صفحة من القطع الوسط