ولدت الأسطورة مجهولة، وتربت مترفة في أحضان المسرح الإغريقي، واصبح من تعهدها في ذلك المسرح أسطورة في حد ذاته يرجع إليه الدارسون كلما عز عليهم الرجوع إلى الوراء للبحث في تاريخ الأسطورة، ولا يمكن إنكار أن الأسطورة قد تأثرت بروح كل عصر وانطبعت بطابعه إلى حد كبير، فإن غلب عليه التأمل في أمور الدنيا جاءت الأسطورة لتعبر عن هذا التأمل ب...
قراءة الكل
ولدت الأسطورة مجهولة، وتربت مترفة في أحضان المسرح الإغريقي، واصبح من تعهدها في ذلك المسرح أسطورة في حد ذاته يرجع إليه الدارسون كلما عز عليهم الرجوع إلى الوراء للبحث في تاريخ الأسطورة، ولا يمكن إنكار أن الأسطورة قد تأثرت بروح كل عصر وانطبعت بطابعه إلى حد كبير، فإن غلب عليه التأمل في أمور الدنيا جاءت الأسطورة لتعبر عن هذا التأمل بالطقوس المسرحية المعروفة كما كان لدى اليونان، وإن تحول هذا التأمل إلى انشغال بأمور الدين جاءت الأسطورة تعبر عن هذا التأمل إلى انشغال بأمور الدين جاءت الأسطورة لتعبر عن ذلك بالطقوس الدينية التي شهدتها أوروبا مثلاً طوال العصور الوسطى وما بعدها، وإن غلبت شهوة القوة على العصر جاءت الأسطورة مارداً عملاقاً يتمثل هذه القوة كما في عصر النهضة، وإن غلبت محاكمة العقل على التفكير السائد في العصر، كما في القرن الثامن عشر، جاءت الأسطورة تفسيراً يخضع للمنطق، وإن سادت العاطفة على العقل، كما حصل عند الروفتيكيين في نهاية القرن الثامن عشر وبداية القرن التاسع عشر، أصبحت الأسطورة تجيش بعاطفة تخرج حدودها على الزمان والمكان، وعندما جاء القرن العشرون دخلت الأسطورة منظور علم النفس في بداية القرن، ثم منظور علم الانثروبولوجيا واللغويات في الثلاثين سنة الماضية، هذا وأن أهم ما حدث للأسطورة المعاصرة هو إزالة الحدود بين اللغة والأسطورة على يد البنيويين، الذين ينظرون إلى اللغة على أنها أسطورة وإلى أن الأسطورة هي خير ما يملأ الفراغ الذي ينشأ من جراء محاولة اللغة والتعبير عن شيء في هذا الإطار تأتي دراسة الباحث حول الأدب والأسطورة، وذلك ضمن عرض موجز يعتمد في مجمله على ما قدمه عدد بارز من المفكرين الغربيين، والمحدثين منهم خصوصاً، ممن ساهموا في إرساء دعائم الحداثة، وقصد الباحث في اختياره هذا المنطلق، التيسير على القارئ فرصة الاتصال مع مساهمات حديثة معروفة في أدب الأسطورة الغربي، حيث قام بعرض وشرح وتفصيل لهذه المساهمات معتمداً على الأصل، محاولاً قدر الإمكان التقليل من الغموض الذي ينشأ عادة من نقل موضوع شائك كهذا، كتب بلغة أجنبية، إلى اللغة العربية. وكان قبلاً قد بحث في الناحية النظرية في الأسطورة بدلاً من العملية التي تبين كيف استخدم .الأدباء على مر العصور الأسطورة في أدبهم.