إن علم التبولوجيا تمتد جذوره إلى عصر الحضارة الإغريقية، حيث قام الإغريق بدراسة مفهوم الاستمرارية (Continuous)، لكن علم التبولوجيا لم يظهر بوضعه الحالي إلا في بداية مطلع هذا القرن حين نشر فرشيه (Ferchet) عام 1906 أطروحه التي تناولت اقتران (function) المسافة والعلاقة بينه وبين مفهوم الاستمرارية لكن العالمين (ريز Riesz وهاوسدورف – ...
قراءة الكل
إن علم التبولوجيا تمتد جذوره إلى عصر الحضارة الإغريقية، حيث قام الإغريق بدراسة مفهوم الاستمرارية (Continuous)، لكن علم التبولوجيا لم يظهر بوضعه الحالي إلا في بداية مطلع هذا القرن حين نشر فرشيه (Ferchet) عام 1906 أطروحه التي تناولت اقتران (function) المسافة والعلاقة بينه وبين مفهوم الاستمرارية لكن العالمين (ريز Riesz وهاوسدورف – Hausdorff) بينــا فيما بعد أن لا ضرورة لهذا الاقتران ويمكن دراسة الاستمرارية دون الرجوع إلى اقتران المسافة وبهذا ظهر ما يسمى بعلم التبولوجيا العامة.بشكل عام إن أي مجموعة تحقق عناصرها بعض الفرضيات تكوّن نظاما رياضيا يكون متناسقا (consistent) إذا كانت مبرهناته ونتائجه وفرضياته غير متناقضة(هذا الأسلوب ولد قديما في موضوع الهندسة الاقليدية)، في السنوات الأخيرة تطورت الرياضيات بصورة سريعة بعد أن عرفت نظرية المجموعات في مطلع القرن العشرين، حيث أن أي مجموعة تحقق عناصرها فرضيات معينة تسمى جملة رياضية محققه للفرضيات وفي هذه الحالة يوجد أكثر من نظام رياضي مثل المزمر-(groups) الحلقات (rings) – الهندسة الاقليدية Euclidean geometry – الفضاءات المترية (metric spaces) – الفضاءات التوبولوجيةtopological spaces ... الخ.في هذا الكتاب سنتطرق على موضوع الفضاءات التبولوجية ولكن قبل ذلك أود أن أشير إلى مشكلة رئيسية هي "التصنيف" وهذه المشكلة موجودة في غالبية العلوم إن لم تكن في جميع العلوم وبهذا فهي أحد المشاكل الرئيسة في علم الرياضيات هنا أود أن أتطرق إلى كيفية معالجتها في موضوع التبولوجيا.يمكن تعريف فرضيات التبولوجي على أي مجموعة لكن هذه المجموعات لا تمتلك جميعها صفات متشابهة أو يمكن القول ليست "متكافئة تبولوجيا" homeomorphic لذا فا تصنيف هذه المجموعات من منظور تبولوجي يتطلـــبمنا تعريف اقتران بين المجموعات المتكافئة تبولوجيا الذي أسميناه التكافؤ التبولوجي (homeomorphism).إن خاصية هذا الاقتران هي تصنيف الفضاءات التبولوجية دون الرجوع إلى نوع المجموعات المكونة لهذه الفضاءات ولكن ليس من السهل الحصول على هذا الاقتران الذي يصنف الفضاءات التبولوجية. وإذا وجد مثل هذا الاقتران بين فضائيين فان هذين الفضاءات سوف يمتلكان صفات تبولوجية متشابهة، وبسبب صعوبة إيجاد مثل هذا الاقتران استعين بفصل الفضاءات التبولوجيـــــــة باستخدام صفات تبولوجية topological properties ولكن هذه الصفــــات لن تنهي مشكلة التصنيف "بعبارة أخرى إن كل فضاءيين لا يمتلكان نفس الصفات التبولوجية غير متكافئيين تبولوجيا يعود ذلك إلى إن اقتران التكافؤ التبولوجي ينقل الصفات التبولوجية بين الفضاءات" ومع ذلك فان هذه الصفات لن تفي بالغرض لان الفضاءات التي تمتلك صفات تبولوجية متشابهة ليس بالضرورة متكافئة تبولوجيا لذا أدخلت صفات جبرية وتفاضلية على الفضاءات التبولوجية وأحد من أسباب تعريف الصفات الجبرية والتفاضلية على الفضاءات التبولوجية هي لزيادة عملية التصنيف وبهذا أنشأ موضوعا التبولوجيا الجبرية Algebraic Topology والتبولوجيا التفاضلية (Differential Topology).في هذا الكتاب حاولت عرض موضوع التبولوجي بطريقة مبسطة وبدون التعمق في بعض المفاهيم لكي يستفاد منها الطالب في المرحلة الجامعية الأولى وللتعرف على الأفكار الأساسية في هذا الحقل من حقول الرياضيات.ان دراسة هذا الكتاب لا تتطلب من القارئ إلى معلومات كثيرة في مواضيع الرياضيات الأخرى سوى بعض المفاهيم الأساسية في نظرية المجموعات والتي قد تطرقنا إليها وبشكل مختصر في الفصل الأول. أما الفصل الثاني تناولنا فيه موضوع الفضاءات المترية والتي هي الأخرى قديمة التكوين ويتعرض إليها الطالب في المرحلة الجامعية في مواضيع عديدة ومنها التحليل الحقيقي. من جانب آخر إن الفضاءات المترية يمكن اعتبارها أمثلة محسوسة للفضاءات التبولوجية وبذلك تمكن الطالب من فهم الفضاءات التبولوجية بطريقة هندسية. في الفصل الثالث تناولنا وبشيء من التفصيل مفهوم الفضاءات التبولوجية وطرحنا الأفكار الأساسية في هذا الموضوع والتحديد تطرقنا إلى ماهية الفضاء التبولوجي وكيفية بناءه على مجموعة ما ومفهوم القاعدة baseفيه. كذلك تعرضنا إلى أنواع النقاط في الفضاء التبولوجي وبعد ذلك تعرضنا الى الاقترانات الموجودة بين الفضاءات التبولوجية والمتتاليات sequences كما تناولنا مفهوم الفضاءات الجزئية (Subspaces) وفضاء الجداء للفضاءات التبولوجية (product space) وأخيرا ختمنا الفصل بموضوع فضاءات القسمة quotient space. أما الفصل الرابع فعرضنا فيه بعض الأنماط من الفضـاءات التبولوجية والتي تتصف بصفتي الانفصال وقابلية العد الأولى والثانية وهذه الصفات تعرفنا على قابلية انفصال نقطتين أو نقطة ومجموعة مغلقة أو مجموعتين مغلقتين كذلك معرفة المجموعات المفتوحة الحاوية لنقطة بالفضاء وعدد عناصر القاعدة. الفصل السادس تناولنا فيه خاصية أخرى مهمة وهي خاصية الترابط (connectedness) ومفهوم الفضاءات المترابطة محليا (locally connected spaces) ومركبات الفضاء التبولوجـــي (components) وأخيـرا الفضاءات المتربطة مساريا (path connected) والعلاقـة بين هذه الأنواع من الفضاءات. أما الفصل السادس فكان نصيبه خاصية أخرى من خواص الفضاءات التبولوجية وهي خاصية التراص (compactness) وبعض توابعهـــــــا من تراص محلي (locally compact ) وجداء الفضاءات المتراصة ويجدر الاشارة هنا أن هذه الخاصية لها امتدادات كثيرة والت تركناها هنا ويمكن للقارئ درستها إذا كان مهتم بهذا الخاصية في كتب أخرى مثل [11]، [4]. أما الفصل السابع فقد تطرقنا فيه إلى جزء يسير من مفهوم نظرية الهوموتبيـــا (homotopy theory)والتي تشكل جزءا مهما من موضوع التبولوجيا الجبريـــــة والهدف من ذكر هذا الموضوع هو تعريف القارئ على كيفية بناء الزمرة الهوموتبية الأساسية Fundamental homotopy group ذات البعد الأول على الفضاء التبولوجــــي وأخيرا قمنا بإعطاء مثال لحساب مثل هذه الزمرة على الدائرة.وفي الختام أتقدم بجزيل الشكر والتقدير للأستاذ الدكتور صباح عبد العزيز السماوي من جامعة البصرة – الجمهورية العراقية لمراجعته الفصليين الأول والثاني وإبداء ملاحظاته حولهما. كذلك أتقدم بجزيل الشكر إلى زملائي الدكتور راضي إبراهيم محمد من جامعة آل البيت – المملكة الأردنية الهاشمية والدكتور سليم عيسى مسعودي من جامعة الملك فهد للبترول والمعادن – المملكة العربية السعودية لمراجعتهم جميع الفصول الكتاب وإبداء ملاحظاتهم العلمية واللغوية القيمة.