ما كان مفهوم الاتصال متطابقاً على الدوام، في تحديد نطاقه، مع ميدان التواصل الإعلامي، إن هذا المعنى ملازم لأحداث مرحلة في مسيرة التطور الطويل، الذي يرمي هذا الكتاب إلى رسم تاريخه. وليس هذا التاريخ سوى تاريخ تعدد استخدامات هذا المصطلح وتاريخ تنوع أشكال الواقع. فما كانت وظيفة هذا المصطلح في كل مرحلة تاريخية إلا تسمية هذا الواقع وال...
قراءة الكل
ما كان مفهوم الاتصال متطابقاً على الدوام، في تحديد نطاقه، مع ميدان التواصل الإعلامي، إن هذا المعنى ملازم لأحداث مرحلة في مسيرة التطور الطويل، الذي يرمي هذا الكتاب إلى رسم تاريخه. وليس هذا التاريخ سوى تاريخ تعدد استخدامات هذا المصطلح وتاريخ تنوع أشكال الواقع. فما كانت وظيفة هذا المصطلح في كل مرحلة تاريخية إلا تسمية هذا الواقع والكشف عنه أو التستر عليه.وهذا التاريخ إنما يبدأ مع تاريخ أقنية الاتصال المائية وسائط الاتصال البرية وينتهي بظهور فن إدارة الشأن البشري وصناعة الإجماع بواسطة التواصل الإعلامي. ويتابع هذا التاريخ ظهور سكة الحديد ووسائل الاتصال المتمثلة باستراتيجيات الهيمنة عن طريق نشر اللغة أو الإرساليات، أو كذلك بواسطة المعارض العالمية الكبرى التي نظمت في النصف الثاني من القرن التاسع عشر.لقد عمد أرمان ماتلار خاصة إلى وضع الإيديولوجيات والنظريات التي رافقت هذه التحولات مقابل بعضها البعض. وهذا ما يشكل جديد الكتاب الأهم، فيشرح كيف كانت تلك الطوبى العظيمة المتعلقة بالتواصل الاجتماعي المطلق والشفافية الشاملة قد تمكنت انطلاقاً من مفكري القرن الثامن عشر أن تنتشر في القرن اللاحق، ثم كيف أن تلك الطوبى أسست للتصورات التي تحكم مجتمعات القرن العشرين المعولمة."إنها لجولة مثيرة عبر قرون ثلاثة من تاريخ الاتصال، فمهما بدا ذلك مستغرباًَ، فإن هذا التاريخ لم يسبق أن كتب قط، هذا ما تصدى له أرمان ماتلار بمهارة مشهود لها، في كتاب سيشكل مرجعاً في هذا الميدان ثم كيف أن تلك الطوبى أسست للتصورات التي تحكم مجتمعات القرن العشرين المعولمة.