"أيقن إحسان أن الأمر خطير منذ أن رأى الفديوي وحارساً آخر في انتظاره عند سلم الطائرة. لفحه البرد القارئ في شتاء برقيس الصحراوي، وانتشر بعض موظفي المطار من آسيويين وعرب حول السيارة السوداء الفارهة، ينتظرون في فضول رؤية الزائر المهم. كشفت مصابيح الشوارع القوية خلوها واتساعها. وظل ثلاثتهم صامتين... وحين تجاوز السائق الطريق الذي يقود...
قراءة الكل
"أيقن إحسان أن الأمر خطير منذ أن رأى الفديوي وحارساً آخر في انتظاره عند سلم الطائرة. لفحه البرد القارئ في شتاء برقيس الصحراوي، وانتشر بعض موظفي المطار من آسيويين وعرب حول السيارة السوداء الفارهة، ينتظرون في فضول رؤية الزائر المهم. كشفت مصابيح الشوارع القوية خلوها واتساعها. وظل ثلاثتهم صامتين... وحين تجاوز السائق الطريق الذي يقوده إلى الفندق حيث اعتاد النزول، أدرك أن عليه السكوت والاستسلام.. قال مدارياً حيرته: لم أتصور أن الطقس في برقيس بمثل هذه البرودة. عندما تركت لندن كان الثلج قد بدأ يتراكم على الأرض لم ينبس أحدهم بكلمة. أدار السائق قرص المدفأة، فانبثق تيار ساخن من على جنبه بعث الحرارة في المقاعد الوثيرة. ثم عادوا جميعهم إلى الصمت المطبق حتى تجاوزوا السور المحيط بقصر طويل العمر الذي صنعت فوقه الأنوار الكهربائية فأغرقت المكان بالضوء. انعطفت السيارة يميناً وتوقفت أمام الباب الحديدي الخلفي للقصر حيث المجلس وغرف الضيافة الخاصة... فتح الحارس البوابة الثقيلة حيث رآهم، فتوقفوا ثانية أمام الجناح الملحق بالقصر. لم يصدق إحسان الناطور ما يحدث. أدار الفديوي المفتاح في باب الجناح حين خرج، وتلاشى صوت نعليه وهو يبتعد. دار يتفقد أبواب الجناح فوجدها موصدة وبلا مفاتيح. هل يمكن أن يسجنوك في الجناح؟.. وبلا مبرر؟.. ماذا عرف طويل العمر فأغضبه؟.. هل هو رشيد..".رواية تتحدث بإصرار عن مدى ضلوع الإنسان في اختراق كل السبل بهدف الوصول إلى مبتغاه. تمضي الرواية في سردياتها لتشد القارئ ماضياً وبشغف مع الأحداث ليرى ما مصير إحسان الناطور الذي حفظ عن أبيه ما قاله يوماً "لو أقبلت الدنيا عليك يوماً، تاجر بالذهب"