تظل الكاتبة فاطمة عبد العزيز بلال قادرة على جعل سجالها الشخصي مقنعاً في كل ماتقدمه للقارئ، وجديدها "عندما ترتشف القهوة في المساء" يتسلل إلينا كرائحة القهوة اللذيذة التي لن نستطع مقاومتها، متنوع الإيقاعات، ملون بخصب الحالات، والمواقف، والآراء، فالكاتبة هي من تمنحنا المفتاح الذي ندخل به إلى فضاء نصها، وهي من تدير لعبة الروي وترسمه...
قراءة الكل
تظل الكاتبة فاطمة عبد العزيز بلال قادرة على جعل سجالها الشخصي مقنعاً في كل ماتقدمه للقارئ، وجديدها "عندما ترتشف القهوة في المساء" يتسلل إلينا كرائحة القهوة اللذيذة التي لن نستطع مقاومتها، متنوع الإيقاعات، ملون بخصب الحالات، والمواقف، والآراء، فالكاتبة هي من تمنحنا المفتاح الذي ندخل به إلى فضاء نصها، وهي من تدير لعبة الروي وترسمها بإتقان، وما علينا إلاّ إدراك مضمونه والاستمتاع بقراءته، وقد اختارت موضوعاتها بدقة بالغة وفهم حاذق تمظهر عبر لغة سلسة قريبة من الناس وحميمة، يشعر معها القارئ وكأن الكاتبة تخصه بالبوح بمكنون أسرارها وهمومها معاً، وقد توفرت لها كل عوامل النجاح لتشييد عوالم نصية، بتعاون مثمر بين المرسِل والمرسَل إليه أو بين الباث والمتلقي.و"عندما ترتشف القهوة في المساء" مجموع قصص قصيرة هي نوع من التعبير عن الأفكار في إطار سردي تعتني بنقد الواقع الناغل من حولها؛ وتنفتح على أسئلة مُلِحّة تبرز التناقض الفاضح في المشهد الحياتي للفرد والمجتمع، لذلك فهي تلعب على المتقابلات والمتوازيات من صور وأحداث وشخوص، وبالتالي هي كتابة تنزع نحو تحريك الصور الدالة والمواقف المعبرة التي تجعل من اللغة وسيلة ناجعة عن تمثلات الأشياء والعالم من حولنا.ولأن خير الكلام ما يعبر به صاحبه عنه قدمت الكاتبة لمجموعتها بكلمة هي "غيض من فيض" تقول فيها: "عقارب الساعة تسير بأناة.. دقاتها هادئة كنبضات القلب في لحظات سكينته... الساعة تشير الآن إلى الثامنة والنصف مساءً بتوقيت الدوحة... إنها أخبار المساء... وفي هذه اللحظة أمارس طقوسي اليومية بارتشاف فنجان من القهوة... ليس لمتابعة الأخبار! وإنما لكتابة ما يختلج قلبي من كلام وأحاديث ووقائع تؤرقني... فلقد أنهكتني الحروف وأصبحت كالطغيان حينما تُباغت منزلي الورقي، فتتعمد نثر حبرها على مقتنياتي!وها هي محبرتي الآن فارغة...بعد أن احتلت تلك الحروف سطور وأوراق دفتري... فأسرّت بين طرفيها ثُلّة مما نشرت ذات يوم في أروقة الصحافة القطرية ولكن بعيداً عن السياسة... فلا شأن لي بها ولا شأن لها بي...".يضم الكتاب ما يقارب الخمسون قصة قصيرة ومقالة جاءت تحت العناوين الآتية: "الخيل والهيل"، "كتاب على الرف"، "في المصعد"، "كاتب في مهب الريح"، "النافذة السرية"، "المرايا"، "أفكار مشوشة"، "فنجان قهوة في باريس"، "فما حيلتي يا رب؟"، "فاطمة وهنادي"، "حكاية قلم مكسور"، "ذات صمت"، "حبر وورق"، "بقعة الزيت"، (...) وعناوين أخرى.
