الطفل العربي: الواقع والطموح

الطفولة من نعم الخالق سبحانه على الانسانية، فمن اجلها يرحمنا الله عندما يهم بأهل الارض عذابا. فالاطفال ملائكة في الارض، وبهجة الحياة عند الوالدين، وزينة الدنيا. أمل كل زوجين ومستقبل كل أبوين، وامتدادنا على مر الدهور والأحقاب؛ بهم يحفظ الله الإنسانية من الزوال. يأنس الاب والام اليهم، وحتى تحقق الطفولة مآربها لابد وأن نكون لهم ارضا ذليلة، وسماء ظليلة، وأيدينا عليهم حانية، وصدورنا لمطالبهم رحيبة واسعة، وأموالنا عليهم منفقة، ولأجلهم مرصدة ولمستقبلهم مرصدة. وأقلامنا لهم كاتبة وإليهم ناقلة، وصحفنا عليهم مقروءة وللقضا آذانهم مصغية. وحتى تكون قلوبهم بنا متعلقة وأنظارهم إلينا ناظرة لا بد وألا نغفل ما لهم من حق علينا في الرعاية والعناية والتربية والآداب والصحبة والملازمة والمتابعة والتقويم والتقييم ودفعهم للامام في الخير ومنعهم من الشر، ووقايتهم من الأخطار المحدقة والاعمال الموبقة، وتنشئتهم على الحب والانتماء والتعاون.ومن ثم ألا نعجب من أن كل الديانات قد اوصت بضرورة العناية بالأطفال وتعليمهم، وكان لهم في الاسلام حظ وفير وعطاء وارشاد وتربية وسلوك فقد ورد ذكرهم في العديد من آي الذكر الحكيم، والمواضع المتعددة من أحاديث الرسول الكريم، وكان للأطفال عند العرب الحظوة حتى عدهم البعض أباء لآبائهم من أجلهم نحيا وبهم نقوى على شظف العيش ومتاعبه.والملاحظ أن كل الامم والشعوب قديمها وحديثها ومعاصرها للأطفال عندهم منزلة سامية ومكانة عالية تسن من أجلهم القوانين ، وتشرع اللوائح والقواعد، وتصمم البرامج حماية لهم ورعاية وتربية واعدادهم لمستقبل هم عمادة وأمله ولأمه هم بناؤها وسندها، وعلى الرغم من كل ذلك فإن الاطفال في عالمنا العربي وبالرغم من النهضة العلمية والاجتماعية والثقافية إلا أن نصيب الاطفال في الاهتمام والرعاية قياساً الى أقرانهم وأترابهم ونظرائهم في المجتمعات المتقدمة غير مرض على الرغم من أن الاطفال في المجتمع العربي القديم كان لهم نصيب لأ بأس به من الاهتمام، ومن ثم جاءت محاولة هذا الكتاب عساه أن يسهم ولو بقدر يسير في تبصير القارئ والمسئول عن الاطفال وبهم، وهو متضمن الطفولة من الوجهة التاريخية والعربية والاسلامية، محاولين إلقاء الضوء على ما يمكن أن يستعين به الباحث في مجال الطفولة من أدوات ومناهج بحث، وعن أهم ما يقلق الآباء والمربين كانت مشكلات الاطفال خاصة الخلقية منها والدينية والدراسية، ولقد تعرضنا في ثنايا هذا الكتاب عن بعض العوامل المؤثرة في الطفولة من وسائل أعلام ولغة واتصال وممارستهم للعب، ثم وجب التعرض لثقافة الطفل العربي عساها تجدى لدى القارئ والمسئول. ولم يفوتنا أن تعرضنا لموضوع الاعاقة عند الاطفال وتقديم عدداً من المقترحات التي نبغي من ورائها الحد من الاعاقة وتحجيم اثارها واكتشافها وعلاجها قبل ان يستفحل خطرها ويتشري ضررها. وهنا تتحول الى مصيبة. وقد حاولنا الاستفادة من البحوث والدراسات الميدانية حول الاطفال والطفولة فاكتفينا بعرض أربع دراسات اثنتان منهما في المجال النفسي، واثنتان أخريتان في المجال التربوية .وفي هذه المحاولة الجادة والتي نرجو أن تجد صداها الطيب في كافة الارجاء والانحاء نبغي أن نكون قد أفلحنا في وضع لبنة في بناء صرح الطفولة العربي الذي نرجوه ونتمنى له الشموخ وندعو له بالسمو ونأمل له السموق حتى يكون منتج الطفولة شبابا ورجالا لامة قوية عزيزة قادرة على النهوض واللحوق بركب الحضارة والتقدم واشعال نبراس التقدم والتفوق وارساء قواعد الشموخ والرقي.