يجمع بين فصول هذا الكتاب أن أكثر مادتها مجهولة أو شبه مجهولة.. وهي حصيلة جهد استغرق عدة سنوات انقضت في التنقيب بين صفحات الصحف والمجلات المصرية والعربية منذ نشأة الصحافة العربية عام 1828، وحتى بداية الحرب العالمية الأولى في عام 1914.. وهي الفترة التي يمكن أن نحددها كإطار لما نسميه "عصر التنوير العربي".. إن جزء من مادة الكتاب يزي...
قراءة الكل
يجمع بين فصول هذا الكتاب أن أكثر مادتها مجهولة أو شبه مجهولة.. وهي حصيلة جهد استغرق عدة سنوات انقضت في التنقيب بين صفحات الصحف والمجلات المصرية والعربية منذ نشأة الصحافة العربية عام 1828، وحتى بداية الحرب العالمية الأولى في عام 1914.. وهي الفترة التي يمكن أن نحددها كإطار لما نسميه "عصر التنوير العربي".. إن جزء من مادة الكتاب يزيح الغطاء-لأول مرة-عن العديد من الكتابات المجهولة لعدد من كبار مفكرينا، وكتابنا العرب الذين ظهروا في القرن التاسع عشر، وقادوا عصر التنوير العربي مثل "رفاعة رافع الطهطاوي، وأديب اسحق، وعبد الله النديم، وحسن الشمسي، وميخائيل عبد السيد، وقاسم أمين".. ولكن الكتاب يضم أجزاء أخرى يقدم فيها عدداً آخر من الكتابات المجهولة لعدد من المفكرين والكتاب العرب المجهولين أو شبه المجهولين رغم أنهم لعبوا أدوارا هامة في صياغة العقل العربي الحديث.. ولم ينالوا حقهم من الشهرة والذيوع لأسباب سياسية أو لعوامل تاريخية مثل "محمد قدري، وسليم البستاني، ومحمد عمر، وخليل غانم".ولكن يبقى أن القاسم المشترك الذي يجمع فصول هذا الكتاب أنها تقدم لنا صفحات مجهولة من تاريخ الفكر المصري والعربي الحديث... وإن من شأن هذه الصفحات أن تدعونا لإعادة النظر في كثير من المعلومات والآراء المعروفة والراسخة في تاريخ الفكر العربي الحديث، والتي ينظر إليها باعتبارها حقائق ثابتة لا تتغير على سبيل المثال: فإن هذا الكتاب يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك في عدم صحة الأقوال التي تردد أن أحمد لطفي السيد هو أول من بشر بالفكر (العقلاني) في الفكر العربي الحديث بترجمته لمؤلفات أرسطو، وإن طه حسين هو رائد العقلانية في الفكر العربي الحديث باستخدامه لمنهج الشك الديكارتي في نقد البد العربي في كتابه (في الشعر الجاهلي) فالحقيقة التي تؤكدها صفحات هذا الكتاب أن (محمد أفندي قدري) أحد أنجب تلامذة رفاعة الطهطاوي في مدرسة الألسن..كذلك فإن الكواكبي (طبائع الاستبداد) الذي قدمه أيضاً في عام 1902 سبقه في طرح معظم أفكاره المفكر العربي (سليم البستاني) في عام 1879 و1881 في كتابه المجهول (الحاكم والمحكوم). وهناك الكثير من الحقائق الجديدة التي تكشف عنها صفحات هذا الكتاب والتي من شانها أ، تدفعنا إلى ضرورة إعادة كتابة تاريخ الفكر العربي الحديث من جديد ومن هذه الحقائق مثلاً: أن رفاعة الطهطاوي هو صاحب أول سيرة نبوية في العصر الحديث.. وهي سيرة تقف شامخة لا تطولها السير التي كتبها الدكتور محمد حسين هيكل أو "العقاد" أو "الدكتور طه حسين"... وذلك بما استحدثته من مناهج علمية حديثة في البحث أو فيما وصل إليه من اجتهادات فكرية أو تفسيرات دينية وفلسفية سبق بها كل من تصدوا لكتابة السيرة النبوية.وأخيراً.. فإن الكتاب يكشف أيضاً أن قضية تحرير المرأة لم تكن هي الشاغل الوحيد لقاسم أمين.. وإنما توجد أعمال فكرية مجهولة لقاسم أمين في غير قضية المرأة تضعه في الصف الأول مع المفكرين العرب الذين كتبوا في السياسة والاجتماع، والاقتصاد، بل وفي النقد الأدبي. إذن هذا الكتاب لا يكشف فقط عن صفحات مجهولة في الفكر العربي الحديث، وإنما هو في حقيقته دعوة إلى إعادة كتابة تاريخ الفكر العربي الحديث...