لعل العنوان الذي اختاره الصحافي "فؤاد مطر" للكتاب الثالث من ثلاثية "موطئ قلم في الشرق الأوسط" وهو "سنوات غزو الصديق للأمة استكمالاً لغزوة الشقيق للشقيق" هو أفضل توصيف لحالة الأمة التي اهتزت أساسات العلاقات والثقة بين أولي الأمر في دولها نتيجة الاجتياح العراقي للكويت فجر يوم الخميس 2 أغسطس (آب) 1990 ثم بدأت التداعيات وكما لو أنها...
قراءة الكل
لعل العنوان الذي اختاره الصحافي "فؤاد مطر" للكتاب الثالث من ثلاثية "موطئ قلم في الشرق الأوسط" وهو "سنوات غزو الصديق للأمة استكمالاً لغزوة الشقيق للشقيق" هو أفضل توصيف لحالة الأمة التي اهتزت أساسات العلاقات والثقة بين أولي الأمر في دولها نتيجة الاجتياح العراقي للكويت فجر يوم الخميس 2 أغسطس (آب) 1990 ثم بدأت التداعيات وكما لو أنها زلازل متقطعة ما أن يتوقف زلزال لبعض الوقت حتى يتبعه زلزال آخر. ودائماً كان الزلزال الذي يلي أقوى من الذي فات. أما أهل القرار العربي فإنهم لم يسارعوا كما الحال عند حدوث كوارث إلى إنقاذ ما يمكن إنقاذه وإنما تباطأوا وفي اعتقادهم أن الزمن هو الكفيل بالعلاج. وبسبب هذا التباطؤ اغتنم الأجنبي الفرصة الذهبية التي كانت خطوتها الأولى بدأـ بقطع الطريق على العلاج الأخوي للمرض العربي وبدأ يتسلل، وتحت ذرائع تثير الشبهات.. لكنها مع الأسف لقيت القبول، لوضع اليد على القرار العربي. وهكذا وجدت الأمة نفسها أنها صدمت أشد صدمة بغزوة الشقيق العراقي لشقيقه الكويتي لكنها اكتوت أشد اكتواء بغزو الصديق الأميركي-البريطاني للأمة انطلاقاً من احتلاله العراق الذي لم يعد ذلك الرقم الصعب في المعادلة الإقليمية.. فضلاً عن أن مخطط بعثرته وتحويله إلى دويلات شق طريقه نحو تحقيق هذا التلاعب الدولي الشرير والذي مع الأسف يلقى القبول من بعض أطياف المجتمع العراقي نفسه.ومع أن جيران العراق الذين أقلقهم التطلع الصدامي إلى التسيد، ومن هنا آزروا المخطط الأميركي-البريطاني وفق رؤية الرئيس جورج بوش الأب ورئيسة وزراء بريطانيا مارغريت تاتشر، ارتاحوا لإسقاط النظام البعثي في العراق، إلا أنهم ما لبثوا أن بدأوا يرون في الأفق ملامح عراق متناثرة من شأن الإقرار ببقائه على هذا النحو أن يجعل الإقلاق الصدامي أقل خطورة من الإقلاق الجديد.ويبقى القول أن "فؤاد مطر" بالكتاب الثالث من ثلاثية "موطئ قلم في الشرق الأوسط" بعد الكتاب الأول المعنون "سنوات التنافر والتباغض من المحيط إلى الخليج" والكتاب الثاني المعنون "سنوات التنبه والندم بعد فوان الأوان" يكون قد حاول ككاتب وصحافي يتابع المشهد العربي بالكثير من التنبه، ومن خلال المقالات المختارة في الفترة بين 1994 و2005 في جريدة العرب الدولية "الشرق الأوسط"، المساهمة وإن متواضعة في الإجابة عن الأحوال البالغة السوء التي تعيشها الأمة ويتحمل مسوؤلية السوء هذه على حد سواء شعوب الأمة وأهل القرار: الشعوب الساكتة على الخطأ وأهل القرار الذين لا يعالجون الأخطاء... والخطايا.